وزارة التعليم العالي … اعدام الرّسائل الجامعية …اعدام الباحثين متى الحوار… يا سيادة الوزيرة ؟

بقلم  :حاتم النقاطي،  جامعي عضو اللجان الإدارية المتناصفة

 يوم 7 ديسمبر 2020 ، صدر بيان الفرع الجامعي لأساتذة التعليم العالي بالقيروان ، ــ وهو منشور بهذه المجلة  ـ  و محتواه : دعوة وزارة التعليم العالي لتوضيح موقفها من أسباب منع مناقشة أطروحتنا المودعة بالمعهد العالي للفنون الجميلة بتونس ــ خلال عشر سنوات أو أكثرـــ  كتبتُ  عديد المقالات ، و أدليْتُ بحوارات صحفية ، وحضرتُ حلقات تلفزية ،عرضتُ فيها الحيْف المجْحف المُجانب للصواب ، والذي طال تقييم أطروحتي، وفق ما أثبته القضاء الإداري بإصداره  حكما لصالحنا في جميع   المراحل ، وهو ما  بيّنته وقائع التحقيق في هذا الملف ،  لقد شرحتُ الأبعاد الخفية الداعية لتعطيل المناقشة ، ويُضاف إلى ذلك وضّحتُ خلفيات محاولات عدم تطبيق أحكام التنفيذ ، ومنها محاولة للانحراف بحيثيات القرارات القضائية  ، وخاصة المتعلّقة بتعيين مقرّريْن من  غير ذوي الاختصاص ، و من غير الجهة  المخوّلة في هذا الشأن .

 باشرتْ وزارة التعليم العالي  الملف ، ممثلة في إدارة البحث العلمي ، و بأمر من الوزير السابق السيد سليم شورى : تكوّنت لجنة بحث للغرض ، وفتح تحقيق للوقوف على أسباب عدم تنفيذ الحكم طبقا لحيثيات ونصوص أحكامه ، وتمكيننا من حقوقنا التي ضمنها حكم القضاء الإداري ، و الأمر 1823 المنظم لشهادة الدكتوراه  .

 كاتبنا الوزارة  وفق أحكام  الحق في النفاذ إلى المعلومة كي تمدنا بوثيقة ورقية مكتوبة ، وفيها إفادة بنتيجة التحقيق  المشار إليه آنفا ، وقد دُعينا إليه في جلسة ــ منذ أكثر من خمسة أشهرــ   أجابتْ إدارة البحث العلمي ، بأنها درستْ الجوانب القانونية ، والقضائية للملف ، ووجّهتْ مراسلات إلى المعهد العالي للفنون الجميلة بتونس قصد الإدلاء بالأسباب الواقعية ، والقانونية التي حالت دون تنفيذ الحكم المحال إليه منذ شهر جانفي 2020 ، فالمراسلة الأولى صدرت في شهر جويلية  ، و الثانية صدرت في شهر أوت ، و الثالثة في شهر اكتوبر 2020 ، ولم تتلقّ الوزارة ردّا على تلك المراسلات .  

حرّر العدل المنفذ تقريره المتعلق بمحاولة تنفيذ الحكم ، أفادت الوزارة بأنها أذنت بالتنفيذ ،  وأعلمتْ كل من رئيس جامعة تونس ، ومدير المعهد العالي للفنون الجميلة بتونس بهذا الأمر،  إلا أن الأخيريْن  لم يستجيبا لسلطة القضاء ، وهو رفض صريح  ، وهضم للحقوق  التي  يضمنها الدستور التونسي .

حاولنا إيقاف هذا التّعنّت والتّعسّف في ممارسة السلطة ، وبعد التشاور مع  الزملاء الممثّلِين للجْنَتَيْ الأساتذة المساعدين ، و الأساتذة المحاضرين ، وأساتذة التعليم العالي ، بصفتنا مُمثّلين للجان الإدارية المتناصفة للمساعدين ، أعلمنا إدارة التعليم العالي و الديوان ، وتحديدا المستشار المكلف بالنقابات ، وتقدّمنا بطلب ممضى بشخصي لتحديد موعد مع منْ يُمثُل الوزارة ، غير أننا لم نتلقّ أيّ رد . صمت مريب من سلطة الإشراف ،  بانت صورته أكثر وضوحا ، وهو ما يوحي بأن  رفضا مبطّنا ، وهو الحائل دون تحديد موعد المقابلة ، من أجل  الوقوف على  انتهاك القانون ، وتحديد المسؤوليات بدقّة ،  بهدف إيقاف استغلال السلطة من قبل بعض عناصر التدريس الضّالعين في توظيف أغراضهم الشخصية لخدمة هدف غريب يرمون إلى تحقيقه حسب فقه القضاء.

إنّ القضاء على الفساد الجامعي مسؤولية وطنية ، وهي ملقاة على عاتق وزيرة التعـــليم العالي والبحــث العلمي  التي أقسمت  اليمين بأن تكون أمينة ،  محايدة  ، و مسؤولة على منظوريها دون ميْز أو مجاملة : مسؤولية جسيمة تستدعيها المرحلة الراهنة ، وأما السّكوت عن هكذا ظواهر سلبية من شأنها استشراء الفساد ، والعبث بمقدرات الشعب التونسي الفكرية والعلمية ،  وكذالك تشجيع على إعدام الرسائل الجامعية ، وإعدام أصحابها ، وهي جريمة في حقّ الوطن ، يمكن للوزيرة  تفاديها من خلال فتح حوار مباشر مع المتضرّرين ، وهو واجبها المهني والأخلاقي ، والقانوني الذي لا يمكن التّفصّي منه : بالصّمت دون تحريك ساكن ، أو دون تكليف المتفقد العام للتعليم العالي لإجراء اللازم ، أو عدم تلبية طلبات المتضرّرين الرّامية إلى التّتبّع الإداري ، وإحالة من تثبت إدانته إلى القضاء العدلي ، تونس تفتخر بطاقاتها البشرية ، وهي ثروة وطنية ، لا يمكن التّفريط فيها لبعض الأفراد الذين باتت أغراضهم مكشوفة وفق أحكام القضاء .

اترك تعليقاً