وصل شخص مجهول بسيارته الفخمة إلى إحدى القرى الفلاحية، المعروفة بانتاج التين، والزّيتون والكرز…تبرّع لأهل القرية ــ تقرّبا إلى الله ــ بقدر مائتي مليون دينار تونسي لبناء مسجد جديد للقرية، يضاف إلى غيره من المساجد السابقة، سألوه عن اسمه، لكنه رفض الإفصاح عنه، وأخبرهم أنه سيرجع بعد شهرين ليطّلع على انجازهم للمسجد.
عاد فوجدهم ماضون في تشييده بعد اقتنائهم قطعة أرض فلاحية، لتعمير البناء، فتبرع لهم بمائة مليون إضافية، ثم مضى دون استجابة لإلحاحهم على معرفة اسمه، بل طلب منهم الدعاء له بالخير… وكفى.
عاد بعد شهر، وجد المسجد قائما، قابلوه بحفاوة، وطلبوا منه أن يحلّ بينهم ضيفا. اعتذر بأدب، وأخبرهم أنه مضطر للسفر، لأن لديه مصانع حفظ وتغليف، وتحويل المنتجات الفلاحية، للتصبير، وصناعة المشروبات قيمتها مليار ونصف دينار تونسي، تحتاج خمس مائة عامل سوف يحضرهم من إحدى القرى .. قالوا له سنوفر لك العدد من قريتنا.. قال لهم: إكراما، ومكافأة لكم على تشييد المسجد أنا موافق.. طلب منهم جوازات السفر على وجه السرعة، مشفوعة بثلاثة ملايين دينار لكل شخص، وأن يتكفل هو بالتذاكر والتأشيرات، والوثائق والاقامة.. تحمسوا للأمر، و خلال أربع وعشرين ساعة استلم خمس مائة جواز سفر مع المبالغ المالية ــ لكن عندما يتعلق الامر بالمساهمات لبناء مصنع جماعي مشترك عندهم : الكل فقير ـــ تسلم المال والجوازات، وأخبرهم بأنه ذاهب لإنهاء الإجراءات ثم يعود. بعد مرور خمسة عشر يوما أرسل لهم خمس مائة جواز سفر إلى المسجد، واحتفظ بالباقي ــ المليار ونصفه من الدينارات ـــ وسافر إلى أمريكا.. فقد استثمر ثلاث مائة مليون دينار من خلال غبائهم وجهلهم بالدين، بنى مسجدا، وربح منهم مليار و مائتي مليون دينا تونسي .
بقلم :محمد على العمدوني
ناشط نقابي بالعدلية التونسية