نعم … أنا راعٍ

بقلم : عامر بوترعة ،(1948 ــ 2005) شاعر تونسي

لأنّ أبي كان راعيا

وأمّي رعت

وأخي عاش راعيا

 يشرّفني

أن اظلّ مدى العمر راعيا

 وأعشق شعبي

 وأحضن تونس

 رائعة …

 بين خُضْر المراعي

***

نعم … أنا راع

 زمان العواصف

رغما على صائبات الزّمن

 ورغم التّعسّف …

 رغم المظالم …

 رغم المحن …

 شقوق يدي التي تُبْصرين

 صفعْتُ بها ظالمي

 ورعيْت الوطن

 و«عُرْبَاط »يذكّرني

كنت نسرا عليه

 على صخره

لم تزل بصماتي

وعبر المسالك

لمّا تزل صولاتي

ولا زال ذاك الصّدى

 ثائرا

يتصاعد من صيحاتي …
نعم

 احرس الشّعاب

 والشّمس تعرفني

عاشقا مُولعا

 وتعرفني صامدا

أبدا مُبدعا

فزُوري

ولو مرّة قريتي

ورافِقي مَنْ رَعى

لتدري

 بأنّ الرّعاة عِظام

وقد حوّلوا الأرض للخير

آنستي ، مرتعا

وإنّ الشّياه

إذا ما ثَغَت

وأطفالنا يرقبون الرّجوع

وآباؤنا يرفعون الدّعاء

نحسّ بأنّ الحياة نِضال

لأجل الذي كان

لا بدّ أن يشْبَع

…. نعم

أحرسُ الشّمس

أرفض تحت المظلاّت

 أن أقْبَع …

وأن أرقب الموج

 فالموجُ في عرقي

 كم سقى شجرا

كان لابدّ أن يطلعَ

نعم أنا راع ٍ

 كما جُدْت بالدّم أمسِ

 أجود لكِ اليوم

بالخير  واليُمن والبركات

نعم أنا راعٍٍ

رعيْت بلادي

 رعيْت حياتكِ قبل حياتي

لكي تكبُري

وتقولي بأنّ «الهمامة »

 ليسوا سوى

 ثلّة من «رُعَاة »

***

نعم أنا راعٍٍ

وألفُ نعم

نعم أنا راعٍٍ

علمت ُبما ليس غيري علم

علمت ُ بأنّ الحياة

على ضفّة من صراع

 وليست على رقصة ونَغَم

علمت بأنّ الحياة إبَاءٌ

وليست تُقال بكلمة فَم

 ولو لا عصاي

 ولو لا شياهي

لما كنتِ تدرين

معنى النِّعَم …

ولو لا صخور

مشيتُ عليها

 وشَوْكٌ

يجْرح منّي القَدَم  

لما كنتم في الشّواطئ

 تلهون …

والموْج من لهفةٍ يرتَطم

 ولو لا الشّموس التي أحرقتني

 بكلّ السّفوح

بكلّ القِمَم

لما كنتم بالظّلال نعِمْتُم

وأدركْتم

كيف تعلو الهِمَم

ولو لا شُحُوب

 تريْن بوجهي

 لما كاد وجْهُكِ

يقطر دم …

وأنتِ التي

 تشربِين الحليب

وتسْتَمتِعِين

إذا ما افترشْتِ جلود الغَنم

  كأنّكِ سائحة    

للبلاد  أتتْنا

لتجمَع كلّ العجائب عنّا

 تُحضِّرنا

 تُخرج البدو منّا

 تعلّمنا

 كيف نَلْحق ركْب الأمم

ونحن الذين

 بعزم وكدّ …

صنَعْنا مفاخرنا من عَدم …

ومن دمنا موْجَة

 سبحت في احمرار العلم

***

نعم

 أنا راعٍ

ولا …

لست أملك سيّارة فخمة …

كلّ مُلْكي :

 رئيسٌ عظيمٌ

 وشعبٌ عظيمٌ

وأرض أهيم بها …و علم

وإنّي

وإنّ «الهمامه» أصلي

بهذا أعيش فَخُورا فَخُورا    

كما النّسر يفْخَر بين القِمَم

***

نعم … أنا راعٍ

وأرضي

كنت خصّصتها للرّعاة

ارتوت قبل هذي المياه بِدَمْ

ولا زلتُ أشْعِل

 قُدّامَ خيْمتنا النّار

أحترم الضّيف

لا زلتُ

أعرف معنى القِيَم

****

لأمجادنا

سوف نبقى رُعَاة

 ونحن الهِمَم

«همامة » نحن

اترك تعليقاً