حقوق الحيوان في تونس ….. وحقوق الانسان أيّـهـما أفضل …؟؟؟

سناء الغابري

بقلم : سناء غابري

صحفية تونسية

تصاعدت ظاهرة تربية الحيوانات الأليفة بالبيوت ــ في تونس ــ و يعود انتشار تلك الظاهرة إلى الهواية ، أو لملء فراغ نفسي ،  خاصة لدى الأفراد الذين يعيشون العزلة والانفراد ، بعد  انهيار مفهوم الاسرة في تونس ــ خلال سنوات الألفية الثالثة الحالية ــ أفراد من الجنسين يحبّذون ألفة الحيوان على ألفة البشر ، بحجّة  أنّ الانسان ذئب لأخيه الانسان ، يمكن أن يغدر به في غفلة منه .

هاجس الغدر لازم  هؤلاء المهووسين بالخوف من الانسان الآخر ، بحثوا عن الأنس  والألفة والحنان ، وجدوا تلك القيم  في البهائم البُكْم ــ أي الحيوانات ذات القوائم الأربع ــ  القطط ، الكلاب … روّضوها ودرّبوها لتكون أبناء  ــ حينا ــ وأصدقاء حينا آخر ، وفّروا لها ضرورات الحياة حسب  قدرة الفرد المربّي المادية ، فنجد طبقة  حيوانات أليفة فقيرة ، وطبقة أخرى غنية .

لكن  بعض الأفراد يغدرون  بتلك الحيوانات ــ أحيانا ــ  فيبادروا بإهمالها  دون شفقة ، رغم أنّ تلك الكائنات الأليفة قد بدّدت عنهم الوحشة سنوات ، تعرّض بعضها إلى التّعذيب والقتل ، وإزاء غدر الانسان بالحيوان  بادرت “جمعية حماية الحيوان ” الكائنة بسيدي ثابت ــ تقع شمال العاصمة  تونس حوالي عشرين كيلومترا ــ  بإقامة ملجإ يؤوي القطط  المهملة ، والكلاب  السّائــبة معتمدة على جهود المتطوّعين .

أمّا منظمة “SOS Animaux تونس” قد  تأسست في شهر أكتوبر سنة  2007 ،   وترأسّها الطبيب البيطري السيدة روضة منصور ، قد  انضمّ إليها عشّاق  مختلف الحيوانات الأخرى ، وصمّموا  على تحسين حياة تلك الحيوانات وضمان سلامتها.

جمعيات الرّفق بالحيوانات  في تونس عددها محدود ، وغير قادرة على إيواء ، وحماية كل الحيوانات الضّالة ، لذلك وجب تضافر الجهود للحدّ من قتل أوتعذيب الحيوانات ، يوجد على البسيطة شياطين  في هيئة بشر ، يتلذذون ويتفـنّـنـون في قتل حيوانات أليفة  بريئة ، وجود تلك الكائنات البكماء  ضروري للتّوازن البيئي ، وحماية حياة البشر من  الآفات والحشرات .

الدّيانات السّماوية وأقوال الأنبياء  والمصلحين دعت إلى الرّفق بالحيوانات  ، وعدّدت منافعها المختلفة  في خدمة الانسان ، ساهمت حيوانات كثيرة في مساعدته ، بل التّضحية بنفسها من أجل صديقها الانسان ، ورغم ذلك الوفاء كان الإنسان غدّارا .

 خلال عشرينيات القرن التاسع عشر المنصرم ، نهضت أوّل جمعية للدفاع عن حقوق الحيوان في بريطانيا ، وسنّت قوانين صارمة ضدّ الاساءة إلى الحيوان ، و يمثّل  تاريخ 04 أكتوبر من كلّ عام  اليوم العالمي لحقوق الحيوان .

الدولة  التونسية  ــ اليوم ــ بمختلف هياكلها  معنية بإدخال ثقافة  الرفق وحماية الحيوان  عبر وسائل الاعلام  وبرامج التعليم ، وكذلك  الدولة معنية  بتطوير وسنّ قوانين ردعية ضد منتهكي حقوق الحيوان مادام  ــ في تونس  ــ أفراد يفرطون في استغلال البغال والجمال  والحمير … وأفراد آخرون  ينبسطون حين يلوّحون بقطّ  ممسكين بذيله ، أو بحرق كلب وهو موثوق إلى وتد … أو نتف ريش عصفور مكبّل في قفص ، أو قصّ  عرف ديك أو دجاجة … أو دفع كبشيْن أقرنيْن إلى التّناطح  فتسيل الدّماء … وقد يلقى أحد المتناطحيْن  مصرعه  على مرأى من البشر وهم يحرّضون و  يصفّقون ــ عادة سوء درج عليها بعض الرّعاع من سكّان تونس  خلال أيام عيد الاضحى المبارك   ــ  وتلك الصّورة  البشعة تماثلها  مشاهد صراع الثّــيران الفظيعة  بساحات  إسبانيا … وقد علت أصوات كثيرة في العالم مندّدة بتلك المشاهد الاحتفالية القتالية ، ضحيتها الحيوان .

التّحوّلات السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية والاجتماعية والدينية  التي شهدتها  تونس منذ سنة 2011 إلى اليوم  ، تجعلها سبّاقة إلى  تطوير ترسانة القوانين المتعلقة بحياة الانسان والحيوان ، والكائنات الحية أسوة بمنظومات القوانين في الدول الديمقراطية المتقدمة ، مراجعة قوانين الرفق بالحيوان تسير جنبا إلى جنب مع قوانين حقوق الانسان ، باعتبار أن الكائنيْن يلقيان انتهاكات غير مسبوقة في حقوقهما ، والغريب أنّ منتهك حقوق الكائنيْن ومغتصبها هو الانسان نفسه  ، فهل يمكن للإنسان  ــ في تونس اليوم ــ  أن يضمن حقوق الحيوان .. ؟  والحال  أنّ هذا الإنسان  نفسه ــ هنا  في المكان ــ  ماض في انتهاك حقوق أخيه الإنسان … تجويعا … تهجيرا … وتشريدا من خلال  سدّ منافذ الرّزق  … وغلق أبواب التّشغيل !!! …؟؟؟

اترك تعليقاً