بقلم : ألفة الهذلي
قاضية بالمحكمة الابتدائية بالقيروان
مدن محظورة، إغلاق الحدود بين دول الاتحاد الأوروبي و جميع الدول، أجانب عالقين ببعض المطارات، آلاف المصابين والأعداد في تزايد، تعليق جميع الأنشطة الوطنية والدولية، هلع عالمي، هوس، فوبيا انتقال العدوى، شعائر دينية معلقة، آلاف القتلى عبر العالم في ظرف زمني وجيز، لا مراسم دفن لا جنائز، قرارات استثنائية تتخذها الدول، حالة طواريء عالمية، مشهد درامي حزين يخيم على العالم… هذا ما خلفه الانتشار الوبائي للفيروس التاجي ”فيروس الكورونا” .
فيروس لم يختبره الجسد البشري من قبل و لا يعرف حتى الآن الكثير عنه لا مصدره و لا خصائصه و لا طرق علاجه ،يقف العالم أمامه عاجزا حابسا لأنفاسه ، فيروس ينتقل عبر الرذاذ واللمس والنقود والثياب والمعادن وغيرها، ينتشر بسرعة ، ينقض على الاقتصاد ، يجبر الجميع على ملازمة منازلهم، يفرض علاقات جديدة على الأفراد والدول، العالم اجمع في حالة حرب ضده :هي حرب الوجود الإنساني ضد الفناء .
31 ديسمبر 2019 أول ظهور لفيروس كورونا ”كوفيد 19” بالمدينة الصينية ووهان في مقاطعة هوبي ، يوم فارق في تاريخ البشرية سيمثل مسارا جديدا على المستوى الدولي سيغير الخارطة الاقتصادية و السياسية للدول و سيحدث منعرجا في تاريخ الإنسانية، تاريخ غير العالم ومن المؤكد أننا سنتحدث مستقبلا عن ما قبل و ما بعد فيروس الكورونا أو الكوفيد 19 .
الوباء ترادفها epidemic باللغة الانجليزية و l’épidémie باللغة الفرنسية كلمة متكونة من المقطعين اليونانيين epi بمعني بين وdemos بمعنى الناس[1] . وقع استعمال كلمة وباء لأول مرة سنة 1666من قبل الطبيب [2]Gideon Harvey
والوباء في اللغة اسم جمعه أوبية و أوبئة ، هو كل مرض شديد العدوى سريع الانتشار من مكان إلى مكان يصيب الإنسان و الحيوان والنبات وعادة ما يكون قاتلا كالطاعون ويفرق بين الوباء المستوطن و هو دائم الانتشار في بلد و الوباء الموضعي و هو وباء محدود الانتشار لا يتجاوز المزرعة او المنطقة الجغرافية[3].
وقد ظل فيروس كورونا منذ ظهوره مصنفاً على أنه “وباء”، إلى أن أعلنت منظمة الصحة العالمية بتاريخ 11 مارس 2020 عن تحوله إلى “جائحة” أو “وباء عالمي”، الأمر الذي يستدعي التفرقة بينهما، في هذا الصدد عرفت منظمة الصحة العالمية الوباء l’épidémie بأنه “انتشار مرض بشكل سريع في مكان محدد”، أما الوباء العالمي أو ما يسمى (بالجائحة) pandémie la فهو “انتشار الوباء بشكل سريع حول العالم”.
والمتأمل في تاريخ الإنسانية يلحظ أن الأوبئة العالمية رغم تفاوت تأثيراتها زمانا و مكانا إلا أنها من الظواهر القديمة يرجح ظهورها في بعض الدراسات منذ اثني عشر ألف سنة[4] .
و قد عرفتها البشرية في مراحل مختلفة منذ أول تفش لها عام 430 قبل الميلاد مرورا بالجدري خلال القرنين الخامس عشر و السابع عشر إلى الكوليرا خلال السنوات 1817 إلى 1823و الإنفلونزا الإسبانية خلال سنتي 1918 و 1919 التي ظهرت مع نهاية الحرب العالمية الأولى و أدت إلى 40 مليون وفاة و إنفلونزا هونع كونغ التي ظهرت خلال السنوات 1968 و 1970والمتلازمة التنفسية الحادة الوخيمة والتي اصطلح عليها بكلمة ” سارس ” ظهرت في الصين خلال السنوات 2002 و 2003 و نتج عنها أكثر من 8000 مصاب، وأكثر من 800 وفاة و إنفلونزا الخنازير”إتش1 إن1″ التي ظهرت في المكسيك أواخر مارس 2009 و استمرت إلى سنة 2010 وقد قدرت منظمة الصحة العالمية في البداية الوفيات بحوالي 18500، ولكن مراجعة نشرت في مجلة لانست عام 2012 رفعتها إلى ما بين 151 ألفا و575 ألفا. اضافة الى الايبولا التي ظهرت خلال السنوات 2014 الى 2016 في غينيا و امتدت إلى كل من سيراليون و ليبيريا و أدت إلى وفاة 11325 شخص[5] .
أما التشريع الوطني فقد عرف الأمراض السارية بالفصل الثاني من القانون عدد 71 لسنة 1992 المؤرخ في 27 جويلية 1992 بأنها ” كل مرض يعزى إلى عامل خمجي محدد أو إلى إفرازاته السامة و الذي يطرأ فجأة بسريان ذلك العامل أو إفرازاته من موضع معين إلى متلق سواء مباشرة بواسطة شخص أو حيوان مصابين ، أو بصورة غير مباشرة عن طريق تدخل وسط حيواني أو نباتي أو ناقل أو من المحيط الخارجي “
ويبدو أن التشريعات المقارنة لم تتفق على مفهوم موحد للأمراض السارية فالتشريع الأردني و اللبناني يرمزان إليها بالأمراض المعدية أو الانتقالية و يعرفها التشريع الأردني بأنها ” كل مرض يمكن انتقاله للغير و يشكل خطرا على الصحة العامة” و يعرفها التشريع اللبناني بكونها تلك الأمراض التي تنتقل سواء من المريض او من السليم الحامل للجراثيم إنسانا كان أو حيوانا إلى الأصحاء مباشرة او بالواسطة و التي تتخذ أحيانا الشكل الوبائي حسب تقدير وزارة الصحة العامة ”[6] .
و لا اختلاف بان الحق في الصحة هو أساس و جوهر الحق في الحياة وأنه حق لصيق بالإنسان ويسمو على غيره من الحقوق كلما تعارض معها كالحق في التنقل و الحق في العمل والحق في التعليم و الحق في التجمع… و قد أثر فيروس الكورونا المستجد بانتشاره السريع في العالم في جميع المجالات وامتد لتعليق عدة حقوق و الحد منها كما أفرز إشكالات عديدة من الوجهة القانونية في ظل هذا الوضع الاستثنائي ، تحسب المشرع التونسي كغيره من المشرعين للجانب الأكبر منها آخذا في اعتباره حماية الإنسان و الحد من انتشار العدوى كهدف أولي.
تداعيات الكورونا اليوم من المسائل التي أسالت الكثير من الحبر، آثار وخيمة على المستوى الإنساني الصحي و الاجتماعي و الاقتصادي و حتى السياسي ، وضع فرض حجر صحي عالمي، تحديات خطيرة اليوم في ظل الوضع الدقيق الذي يشهده العالم ، حتى أن صندوق النقد الدولي تحدث عن ركودا في الناتج الاقتصادي العالمي بسبب الكورونا سنة 2020 ، و رغم انعكاساته الوخيمة إلا انه لوحظ وجود عدة مؤشرات ايجابية على البيئة على غرار انخفاض هام لمستوى تلوث الهواء[7].
كما أن المتأمل لتاريخ الأوبئة يمكن أن يقتفي أثرها في الإبداعات الفنية الخالدة[8] و يلاحظ أن تلك الأوقات الصعبة كثيرا ما ترجمها الإنسان بأعمال ممزوجة بالتفاؤل لنشر الأمل .
وضع تناضل العديد من الدول للخروج منه قصد التصدي لهذا الفيروس الخطير و الحد من تبعاته و تداعياته الوخيمة على كل المستويات غير أنه يبقى للقانون القول الفصل في بعض المسائل خاصة انه من المؤكد أن هذا الوضع ادخل إرباكا على مستوى السير العادي للحياة و تطلب إصدار قوانين جديدة و تفعيل قوانين أخرى.فما فتيء المشرع التونسي يتدخل ليحاول تجاوز القصور التشريعي و اتسمت هذه الفترة خصوصا بكثرة مراسيم الصادرة في الغرض.
من هذا المنطلق تنبثق هذه الإشكالية ماهي تداعيات فيروس الكورونا على القانون ؟
وعلى هذا الأساس وجب تسليط الضوء على التداعيات القانونية لفيروس الكورونا على أشخاص القانون الدولي من جهة وعلى القانون الداخلي من جهة أخرى .
- تداعيات فيروس الكورونا على أشخاص القانون الدولي
ينقسم القانون الدولي إلى قانون دولي عام و قانون دولي خاص[9] .
اختلفت تسميات القانون الدولي العام من قبل الفقهاء، منهم من أطلق عليه قانون الأمم أو قانون الشعوب[10].يتمثل القانون الدولي العام في “مجموعة القواعد التي تنظم العلاقات بين الدول فتحدد ما لها من حقوق و ما عليها من واجبات والقانون الدولي العام مثلما ينظم العلاقات فيما بين الدول فهو يهتم أيضا بتنظيم العلاقات التي تقوم بين الدول و المنظمات الدولية أو بين الدول و بعض الكيانات التي لا تعتبر دولا “[11] ولئن اعتبرت الدول وعلى تميزها الشخص الدولي الوحيد في ظل القانون الدولي التقليدي ، فان القانون الدولي المعاصر اعتبر المنظمات الدولية كذلك من أشخاص القانون الدولي .
و لا يخفى بأن مواجهة الأوبئة عمل مشترك بين الدول و قد تكاثفت العلاقات بين المجتمعات على اختلاف لغاتهم وثقافاتهم وجنسياتهم وأديانهم لمواجهة مثل هذه المخاطر، علاقات أثمرت منذ سنوات منظمات دولية تعنى بالصحة كان لفيروس الكورونا تداعيات عليها، فضلا عن تعاظم دور الدول كنتيجة لتأثير هذا الوباء العالمي عليها.
- تداعيات فيروس الكورونا على المنظمات الدولية
أعلنت منظمة الصحة العالمية ضمن المبادئ العامة الواردة في دستورها أن ” ﺍﻟﺼﺤﺔ ﻫﻲ ﺤﺎﻟﺔ ﻤﻥ ﺍﻜﺘﻤﺎل ﺍﻟﺴﻼﻤﺔ ﺒﺩﻨﻴﺎ ﻭﻋﻘﻠﻴﺎ ﻭﺍﺠﺘﻤﺎﻋﻴﺎ، ﻻ ﻤﺠﺭﺩ ﺍﻨﻌﺩﺍﻡ ﺍﻟﻤﺭﺽ ﺃﻭ ﺍﻟﻌﺠﺯ.
كما أكدت وأن ﺍﻟﺘﻤﺘﻊ ﺒﺄﻋﻠﻰ مستوى ﻤﻥ ﺍﻟﺼﺤﺔ ﻴﻤﻜﻥ ﺒﻠﻭﻏﻪ ﻫﻭ ﺃﺤﺩ ﺍﻟﺤﻘﻭﻕ ﺍﻷﺴﺎﺴﻴﺔ ﻟﻜل ﺇﻨﺴﺎﻥ، ﺩﻭﻥ ﺘﻤﻴﻴﺯ ﺒﺴﺒﺏ ﺍﻟﻌﻨﺼﺭ ﺃﻭ ﺍﻟﺩﻴﻥ ﺃﻭ ﺍﻟﻌﻘﻴﺩﺓ ﺍﻟـﺴﻴﺎﺴﻴﺔ ﺃﻭ ﺍﻟﺤﺎﻟـﺔ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻴﺔ ﺃﻭ ﺍﻻﺠﺘﻤﺎﻋﻴﺔ. كما أن ﺼﺤﺔ ﺠﻤﻴﻊ ﺍﻟﺸﻌﻭﺏ ﺃﻤﺭ ﺃﺴﺎﺴﻲ ﻟﺒﻠﻭﻍ ﺍﻟﺴﻠﻡ ﻭﺍﻷﻤﻥ، ﻭﻫﻲ ﺘﻌﺘﻤـﺩ ﻋﻠـﻰ ﺍﻟﺘﻌﺎﻭﻥ ﺍﻷﻜﻤل ﻟﻸﻓﺭﺍﺩ ﻭﺍﻟﺩﻭل و ﻤﺎ ﺘﺤﻘﻘﻪ ﺃﻴﺔ ﺩﻭﻟﺔ ﻓﻲ ﻤﺠﺎل ﺘﺤﺴﻴﻥ ﺍﻟﺼﺤﺔ ﻭﺤﻤﺎﻴﺘﻬﺎ ﺃﻤﺭ ﻟﻪ ﺃﻫﻤﻴﺘﻪ ﻟﻠﺠﻤﻴﻊ. فضلا على أن تفاوت ﺍﻟﺒﻠﺩﺍﻥ ﺍﻟﻤﺨﺘﻠﻔﺔ ﻓﻲ ﺘﺤﺴﻴﻥ ﺍﻟﺼﺤﺔ ﻭﻤﻜﺎﻓﺤﺔ ﺍﻷﻤـﺭﺍﺽ، ﻭﻻﺴـﻴﻤﺎ ﺍﻷﻤﺭﺍﺽ ﺍﻟﺴﺎﺭﻴﺔ، ﺨﻁﺭ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺠﻤﻴﻊ..”
و يبقى تعزيز القدرة على مواجهة الأزمات الصحية العالمية مناط عمل العديد من المنظمات الدولية التي تلعب دورا هاما في إطار التصدي للأوبئة ومن أهم هذه المنظمات الدولية منظمة الصحة العالمية لأمراض الإنسان والمنظمة العالمية للصحة الحيوانية بالنسبة لأمراض الحيوان من بينها المنتقلة للإنسان.
والمنظمة العالمية للصحة يرمز لها اختصاراً بـ WHO وهو اختصار لـلعبارة الانكليزية World Health Organization .
إنطلق عمل منظمة الصحة العالمية بدخول دستورها حيز النفاذ في 7 أفريل 1948 وهو التاريخ الموافق ليوم الصحة العالمي. وتشتمل على 150 مكتباً قطرياً، و6 مكاتب إقليمية يقع مقرها الرئيسي في جنيف.
تعتبر منظمة الصحة العالمية وكالة متخصصة حسب الفصل 57 من ميثاق الأمم المتحدة الذي نص على أن” الوكالات المختلفة التي تنشأ بمقتضى اتفاق بين الحكومات والتي تضطلع بمقتضى نظمها الأساسية بتبعات دولية واسعة في الاقتصاد والاجتماع والثقافة والتعليم والصحة وما يتصل بذلك من الشؤون يوصل بينها وبين “الأمم المتحدة” وفقا لأحكام المادة 63.
تسمى هذه الوكالات التي يوصل بينها وبين “الأمم المتحدة” فيما يلي من الأحكام بالوكالات المتخصصة.”
و ﺘﻤﺎﺭﺱ ﺍﻟﻤﻨﻅﻤﺔ ﻟﺘﺤﻘﻴﻕ ﻫﺩﻓﻬﺎ ﺍﻟﻭﻅﺎﺌﻑ التالية :
- ﺍﻟﻌﻤل ﻜﺴﻠﻁﺔ ﺍﻟﺘﻭﺠﻴﻪ ﻭﺍﻟﺘﻨﺴﻴﻕ ﻓﻲ ﻤﻴﺩﺍﻥ ﺍﻟﻌﻤل ﺍﻟﺼﺤﻲ ﺍﻟﺩﻭﻟﻲ؛
- ﺇﻗﺎﻤﺔ ﺘﻌﺎﻭﻥ ﻓﻌﺎل ﻤﻊ ﺍﻷﻤﻡ ﺍﻟﻤﺘﺤﺩﺓ ﻭﺍﻟﻭﻜـﺎﻻﺕ ﺍﻟﻤﺘﺨﺼـﺼﺔ ﻭﺍﻹﺩﺍﺭﺍﺕ ﺍﻟﺼﺤﻴﺔ ﺍﻟﺤﻜﻭﻤﻴﺔ ﻭﺍﻟﺠﻤﺎﻋﺎﺕ ﺍﻟﻤﻬﻨﻴﺔ ﻭﻏﻴﺭ ﺫﻟﻙ ﻤﻥ ﺍﻟﻤﻨﻅﻤﺎﺕ، ﺤـﺴﺒﻤﺎ ﻴﻜﻭﻥ ﻤﻨﺎﺴﺒﺎ، ﻭﺍﻟﺤﻔﺎﻅ ﻋﻠﻰ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﺘﻌﺎﻭﻥ
- ﻤﺴﺎﻋﺩﺓ ﺍﻟﺤﻜﻭﻤﺎﺕ، ﺒﻨﺎﺀ ﻋﻠﻰ ﻁﻠﺒﻬﺎ، ﻓﻲ ﺘﻌﺯﻴﺯ ﺍﻟﺨﺩﻤﺎﺕ ﺍﻟﺼﺤﻴﺔ
- ﺘﻘﺩﻴﻡ ﺍﻟﻤﺴﺎﻋﺩﺓ ﺍﻟﻔﻨﻴﺔ ﺍﻟﻤﻨﺎﺴﺒﺔ، ﻭﻓﻲ ﺤﺎﻻﺕ ﺍﻟﻁو ﺍﺭﺉ، ﺘﻘﺩﻴﻡ ﺍﻟﻌﻭﻥ ﺍﻟﻼﺯﻡ ﺒﻨﺎﺀ ﻋﻠﻰ ﻁﻠﺏ ﺍﻟﺤﻜﻭﻤﺎﺕ ﺃﻭ ﻗﺒﻭﻟﻬﺎ؛
- ﺘﻘﺩﻴﻡ، ﺃﻭ ﺍﻟﻤﺴﺎﻋﺩﺓ ﻓﻲ ﺘﻘﺩﻴﻡ، ﺍﻟﺨﺩﻤﺎﺕ ﻭﺍﻟﺘﺴﻬﻴﻼﺕ ﺍﻟﺼﺤﻴﺔ ﺒﻨـﺎﺀ ﻋﻠـﻰ ﻁﻠﺏ ﺍﻷﻤﻡ ﺍﻟﻤﺘﺤﺩﺓ ﻟﺠﻤﺎﻋـﺎﺕ ﺨﺎﺼـﺔ، ﻜـﺸﻌﻭﺏ ﺍﻷﻗـﺎﻟﻴﻡ ﺍﻟﻤـﺸﻤﻭﻟﺔ ﺒﺎﻟﻭﺼﺎﻴﺔ
- ح- ﺇﻨﺸﺎﺀ ﻤﺎ ﻗﺩ ﻴﻠﺯﻡ ﻤﻥ ﺍﻟﺨﺩﻤﺎﺕ ﺍﻹﺩﺍﺭﻴﺔ ﻭﺍﻟﻔﻨﻴﺔ، ﺒﻤﺎ ﻓﻲ ﺫﻟـﻙ ﺍﻟﺨـﺩ ﻤﺎﺕ ﺍﻟﻭﺒﺎﺌﻴﺔ ﻭﺍﻹﺤﺼﺎﺌﻴﺔ، ﻭﺍﻟﺤﻔﺎﻅ ﻋﻠﻴﻬﺎ؛
- ﺘﺸﺠﻴﻊ ﻭﺍﺴﺘﺤﺜﺎﺙ ﺍﻟﺠﻬﻭﺩ ﺍﻟﺭﺍﻤﻴﺔ ﺇﻟـﻰ ﺍﺴﺘﺌـﺼﺎل ﺍﻷﻤـﺭﺍﺽ ﺍﻟﻭﺒﺎﺌﻴـﺔ ﻭﺍﻟﻤﺘﻭﻁﻨﺔ ﻭﻏﻴﺭﻫﺎ ﻤﻥ ﺍﻷﻤﺭﺍﺽ؛
- ﺍﻟﺘﺸﺠﻴﻊ، ﺒﺎﻟﺘﻌﺎﻭﻥ ﻤﻊ ﺍﻟﻭﻜﺎﻻﺕ ﺍﻟﻤﺘﺨﺼﺼﺔ ﺍﻷﺨﺭﻯ ﻋﻨـﺩ ﺍﻻﻗﺘـﻀﺎﺀ، ﻋﻠﻰ ﺍﺘﺨﺎﺫ ﺍﻹﺠﺭﺍﺀﺍﺕ ﺍﻟﻤﻨﺎﺴﺒﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺘﺅﺩﻱ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻭﻗﺎﻴـﺔ ﻤـﻥ ﺍﻷﻀـﺭ ﺍﺭ ﺍﻟﻨﺎﺠﻤﺔ ﻋﻥ ﺍﻟﺤﻭﺍﺩﺙ؛
- ﺍﻟﺘﺸﺠﻴﻊ، ﺒﺎﻟﺘﻌﺎﻭﻥ ﻤﻊ ﺍﻟﻭﻜﺎﻻﺕ ﺍﻟﻤﺘﺨﺼﺼﺔ ﺍﻷﺨﺭﻯ ﻋﻨﺩ ﺍﻻﻗﺘﻀﺎﺀ، علىﺘﺤﺴﻴﻥ ﺍﻟﺘﻐﺫﻴﺔ ﻭﺍﻹﺴﻜﺎﻥ ﻭﺍﻹﺼﺤﺎﺡ ﻭﺍﻟﺘﺭﻓﻴـﻪ ﻭﺍﻷﺤـﻭﺍل ﺍﻻﻗﺘـﺼﺎﺩﻴﺔ ﻭﺃﺤﻭﺍل ﺍﻟﻌﻤل ﻭﻏﻴﺭﻫﺎ ﻤﻥ ﻨﻭﺍﺤﻲ ﺼﺤﺔ ﺍﻟﺒﻴﺌﺔ
- ﺘﺸﺠﻴﻊ ﺍﻟﺘﻌﺎﻭﻥ ﺒﻴﻥ ﺍﻟﺠﻤﺎﻋﺎﺕ ﺍﻟﻌﻠﻤﻴﺔ ﻭﺍﻟﻔﻨﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺘﺴﻬﻡ ﻓـﻲ ﺍﻟﻨﻬـﻭﺽ ﺒﺎﻟﺼﺤﺔ؛
- ﺍﻗﺘﺭﺍﺡ ﺍﻻﺘﻔﺎﻗﻴﺎﺕ ﻭﺍﻻﺘﻔﺎﻗﺎﺕ ﻭﺍﻷﻨﻅﻤﺔ ﻭﻭﻀﻊ ﺍﻟﺘﻭﺼﻴﺎﺕ ﺤﻭل ﺍﻟﺸﺅﻭﻥ ﺍﻟﺼﺤﻴﺔ ﺍﻟﺩﻭﻟﻴﺔ، ﻭﺍﻟﻘﻴﺎﻡ ﺒﺎﻟﻤﻬﺎﻡ ﺍﻟﺘﻲ ﻗﺩ ﺘﺴﻨﺩ ﺒﻤﻘﺘﻀﺎﻫﺎ ﺇﻟـﻰ ﺍﻟﻤﻨﻅﻤـﺔ ﻭﺘﻜﻭﻥ ﻤﺘﻔﻘﺔ ﻭﻫﺩﻓﻬﺎ؛
- ﺍﻟﻨﻬﻭﺽ ﺒﺼﺤﺔ ﻭﺭﻋﺎﻴﺔ ﺍﻷﻡ ﻭﺍﻟﻁﻔل ﻭﺘﻌﺯﻴﺯ ﺍﻟﻘﺩﺭﺓ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻌﻴﺵ ﺒﺎﻨﺴﺠﺎﻡ ﻓﻲ ﺒﻴﺌﺔ ﻜﻠﻴﺔ ﻤﺘﻐﻴﺭﺓ؛
- ش- ﺘﺸﺠﻴﻊ ﺍﻷﻨﺸﻁﺔ ﻓﻲ ﻤﻴﺩﺍﻥ ﺍﻟﺼﺤﺔ ﺍﻟﻌﻘﻠﻴﺔ، ﻭﻻﺴﻴﻤﺎ ﻤﺎ ﻴﺘﺼل ﻤﻨﻬﺎ ﺒﺎﻨﺴﺠﺎﻡ ﺍﻟﻌﻼﻗﺎﺕ ﺍﻹﻨﺴﺎﻨﻴﺔ؛
- ﺘﺸﺠﻴﻊ ﻭﺘﻭﺠﻴﻪ ﺍﻟﺒﺤﻭﺙ ﻓﻲ ﻤﺠﺎل ﺍﻟﺼﺤﺔ؛
- ﺍﻟﻌﻤل ﻋﻠﻰ ﺘﺤﺴﻴﻥ ﻤﺴﺘﻭﻴﺎﺕ ﺍﻟﺘﻌﻠﻴﻡ ﻭﺍﻟﺘﺩﺭﻴﺏ ﻓـﻲ ﺍﻟﻤﻬـﻥ ﺍﻟـﺼﺤﻴﺔ ﻭﺍﻟﻁﺒﻴﺔ ﻭﺍﻟﻤﻬﻥ ﺍﻟﻤﺭﺘﺒﻁﺔ ﺒﻬﺎ؛
- ﺩﺭﺍﺴﺔ ﺍﻟﺘﻘﻨﻴﺎﺕ ﺍﻹﺩﺍﺭﻴﺔ ﻭﺍﻻﺠﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﺍﻟﻤﺘﺼﻠﺔ ﺒﺎﻟﺼﺤﺔ ﺍﻟﻌﺎﻤﺔ ﻭﺍﻟﺭﻋﺎﻴـﺔ ﺍﻟﻁﺒﻴﺔ ﻤﻥ ﺍﻟﻨﺎﺤﻴﺘﻴﻥ ﺍﻟﻭﻗﺎﺌﻴﺔ ﻭﺍﻟﻌﻼﺠﻴﺔ، ﺒﻤﺎ ﻓﻲ ﺫﻟﻙ ﺨﺩﻤﺎﺕ ﺍﻟﻤﺴﺘـﺸﻔﻴﺎﺕ ﻭﺍﻟﻀﻤﺎﻥ ﺍﻻﺠﺘﻤﺎﻋﻲ ﻭﺘﻘﺩﻴﻡ ﺘﻘﺎﺭﻴﺭ ﻋﻨﻬﺎ، ﻭﺫﻟﻙ ﺒﺎﻟﺘﻌﺎﻭﻥ ﻤـﻊ ﺍﻟﻭﻜـﺎﻻﺕ ﺍﻷﺨﺭﻯ ﻋﻨﺩ ﺍﻻﻗﺘﻀﺎﺀ
- ﺘﻘﺩﻴﻡ ﺍﻟﻤﻌﻠﻭﻤﺎﺕ ﻭﺍﻟﻤﺸﻭﺭﺓ ﻭﺍﻟﻤﺴﺎﻋﺩﺓ ﻓﻲ ﺤﻘل ﺍﻟﺼﺤﺔ؛ ﺍﻟﻤﺴﺎﻋﺩﺓ ﻓي تكوين ﺭﺃﻱ ﻋﺎﻡ ﻤﺴﺘﻨﻴﺭ ﻟﺩﻯ ﺠﻤﻴﻊ ﺍﻟﺸﻌﻭﺏ، ﻓـﻲ ﺸـﺅﻭﻥ ﺍﻟﺼﺤﺔ؛
- ﻭﻀﻊ ﺘﺴﻤﻴﺎﺕ ﺩﻭﻟﻴﺔ ﻟﻸﻤﺭﺍﺽ ﻭﻷﺴﺒﺎﺏ ﺍﻟﻭﻓﺎﺓ، ﻭﻟﻤﻤﺎﺭﺴـﺎﺕ ﺍﻟـﺼﺤﺔ ﺍﻟﻌﺎﻤﺔ، ﻭﻤﺭﺍﺠﻌﺔ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﺘﺴﻤﻴﺎﺕ ﻜﻠﻤﺎ ﺩﻋﺕ ﺍﻟﻀﺭﻭﺭﺓ
- ﺘﻭﺤﻴﺩ ﻁﺭﻕ ﺍﻟﺘﺸﺨﻴﺹ ﺒﺎﻟﻘﺩﺭ ﺍﻟﻼﺯﻡ
- ﻭﻀﻊ ﻤﻌﺎﻴﻴﺭ ﺩﻭﻟﻴﺔ ﻟﻠﻤﻨﺘﺠﺎﺕ ﺍﻟﻐﺫﺍﺌﻴﺔ ﻭﺍﻟﺤﻴﺎﺘﻴﺔ ﻭﺍﻟﺼﻴﺩﻟﻴﺔ ﻭ ﻤﺎ ﺸـﺎﺒﻬﻬﺎ، ﻭﺘﻘﺭﻴﺭﻫﺎ ﻭﻨﺸﺭﻫﺎ؛
- ﻭﺒﺼﻔﺔ ﻋﺎﻤﺔ، ﺍﺘﺨﺎﺫ ﻜل ﻤﺎ ﻴﻠﺯﻡ ﻟﺒﻠﻭﻍ ﻫﺩﻑ ﺍﻟﻤﻨﻅﻤﺔ[12].
هذا و قد قامت منظمة الصحة العالمية منذ ظهور وباء الكورونا بتشخيصه و تصنيفه من وباء إلى وباء عالمي كما قامت بتشجيع الأبحاث الطبية وراقبت تفشيه و عمدت إلى نشر المعلومات المتعلقة بانتشاره و أصدرت صحبة جمعيات الصليب الأحمر و الهلال الأحمر و اليونيسيف توجيهات للحماية و الوقاية منه و التصدي لانتشاره كما ذكرت المنظمة بأهمية التضامن و حثت من خلال ممثليها في الدول على اتخاذ القرارات الكفيلة بالتقليص من حدة إنتشار هذا الوباء العالمي خاصة في الدول التي تعاني ضعفا في أنظمتها الصحية. كما أعلنت المنظمة عن بدء أول تجربة لقاح منذ أن قدمت الصين معلومات عن السلسلة الجينية لفيروس كورونا كما دعت إلى إتباع الإرشادات المتعلقة بالتشخيص و العزل والعلاج فضلا عن ضرورة تفعيل الآليات المعنية بالاستجابة للطوارئ و توسيع نطاقها.
و قد بين دستور منظمة الصحة العالمية مسؤولية المنظمة و التزاماتها بالنسبة لمكافحة الأمراض السارية .
و من تبعات ظهور فيروس الكورونا أن أعلنت لجنة الطوارئ التابعة لمنظمة الصحة العالمية حالة طواريء صحية عالمية بتاريخ 30 جانفي 2020 و هو إعلان رسمي لأزمة صحية عامة . يرمز لها بـ ” PHEIC ” اختصارا لعبارة “Public Health E mergency of International Concern “. تعرف بأنها “حدث استثنائي يشكل خطرا على الصحة العامة للدول الأخرى من خلال انتشار المرض بين الدول و قد يتطلب استجابة دولية منسقة “[13]
و يجدر التذكير بأن تاريخ المنظمة لم يشهد سوى ست[14] إعلانات لحالات طوارئ عامة في العالم.
وبحسب لوائح المنظمة فان إعلان حالة الطواريء بشأن الأوبئة يمكنها من تقديم التوصيات إلى جميع البلدان.
وتعمل منظمة الصحة العالمية بالتنسيق مع عدة هياكل على غرار وكالات الأمم المتحدة بما فيها منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة “الفاو” التي
تتولى قيادة الجهود الدولية الرامية إلى دحر الجو ع و الصندوق العالمي لمكافحة الإيدز والسل والملاريا الذي
تم تأسيسه ضمن منظومة الأمم المتحدة في عام 2001 للعمل على توفير التمويل اللازم للمشاريع ذات الصلة في مناطق العالم المختلفة وعلى نحو خاص في الدول التي ترتفع فيها مستويات الإصابة بهذه الأمراض و صندوق الأمم المتحدة لرعاية الطفولة اليونيسف
الذي تأسس في عام 1946، ويهدف إلى تحسين أوضاع الأطفال العالم فضلا عن عدة منظمات دولية غير حكومية مثل مؤسسة بيل وميلندا جيتس
التي تأسست عام 2000 وتقوم بتوفير منح مالية للعديد من مشاريع الخدمة العامة بما في ذلك المبادرات المعنية بالصحة العالمية و اللجنة الدولية للصليب الأحمر
التي تم تأسيسها عام 1983 وهي توجه عمل كل من الصليب الأحمر الدولي وحركات الهلال الأحمر وتحظى بالشرعية لدى الدول الأطراف في معاهدات جنيف لعام 1948 [15]. وتوجه اللجنة الدولية للصليب الأحمر جل اهتمامها للأوضاع خلال فترات النزاع المسلح وتعمل على تقديم المساعدات للمدنيين والمصابين من الجنود والأسرى كما تقوم اللجنة أيضا بتقديم المساعدات للأفراد في حالات الكوارث و ذلك في سبيل تعزيز التنسيق وتوحيد المجهودات لاحتواء الفيروس و الحد من انتشاره.
بغض النظر عن الدور الريادي الهام للمنظمات الدولية و تداعيات هذا الوباء العالمي على عملها ، الصحة مسؤولية مشتركة للدول و فيروس الكورونا أصبح كغيره من الأوبئة شأنا دوليا، عليه يبقى على الدول عدة التزامات و تلعب دورا للحد منه .
- تداعيات فيروس الكورونا على الدول
إن الحق في الصحة من الحقوق التي تنطبق على الجميع المواطن والأجنبي و المشرد و السجين وكل شخص يتواجد على أرض دولة معينة .
اقتضت المادة 12 من العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية أنه على الدول الأطراف ” أن تقر في هذا العهد بحق كل إنسان في التمتع بأعلى مستوى من الصحة الجسمية والعقلية يمكن بلوغه.
وتشمل التدابير التي يتعين على الدول الأطراف في هذا العهد اتخاذها لتأمين الممارسة الكاملة لهذا الحق، تلك التدابير اللازمة من أجل العمل علي خفض معدل موتي المواليد ومعدل وفيات الرضع وتأمين نمو الطفل نموا صحيا و تحسين جميع جوانب الصحة البيئية والصناعية و الوقاية من الأمراض الوبائية والمتوطنة والمهنية والأمراض الأخرى وعلاجها ومكافحتها و تهيئة ظروف من شأنها تأمين الخدمات الطبية والعناية الطبية للجميع في حالة المرض’.
هذا و قد نصت المادة الرابعة من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية أنه ” في حالات الطوارئ الاستثنائية التي تتهدد حياة الأمة، والمعلن قيامها رسميا، يجوز للدول الأطراف في هذا العهد أن تتخذ، في أضيق الحدود التي يتطلبها الوضع، تدابير لا تتقيد بالالتزامات المترتبة عليها بمقتضى هذا العهد، شريطة عدم منافاة هذه التدابير للالتزامات الأخرى المترتبة عليها بمقتضى القانون الدولي وعدم انطوائها على تمييز يكون مبرره الوحيد هو العرق أو اللون أو الجنس أو اللغة أو الدين أو الأصل الاجتماعي (…)و انه على أية دولة طرف في هذا العهد استخدمت حق عدم التقيد أن تعلم الدول الأطراف الأخرى فورا، عن طريق الأمين العام للأمم المتحدة، بالأحكام التي لم تتقيد بها وبالأسباب التي دفعتها إلى ذلك. وعليها، في التاريخ الذي تنهى فيه عدم التقيد، أن تعلمها بذلك مرة أخرى وبالطريق ذاته “
وتعتبر لائحة الصحة العالمية لسنة 2005 صك قانوني دولي أُعد من أجل المساعدة على حماية جميع الدول مـن انتشار الأمراض على الصعيد الدولي، بما في ذلك المخاطر والطوارئ الصحية العمومية و قد وردت في المادة الثانية منه أن “الحيلولة دون انتشار المرض على الصعيد الدولي والحماية منه ومكافحته ومواجهته باتخاذ تدابير في مجال الصحة العمومية على نحو يتناسب مع المخـاطر المحتملـة المحدقة بالصحة العمومية ويقتصر عليها مع تجنب التدخل غير الـضروري فـي حركة المرور الدولي والتجارة الدولية.” وقد أقرت هذه اللائحة التزامات محمولة على الدول في حالات الطواريء الصحية. ومنذ القرن التاسع عشر وخلال القرن العشرين انعقدت مؤتمرات دولية وعقدت اتفاقيات مختلفة تتعلق بإلزام الدول الإبلاغ عن حدوث إصابات بشرية بسبب أمراض سارية كالكوليرا والطاعون والحمى الصفراء.
مع الإشارة إلى أن واجبات الدول الأعضاء حيال عملية نشر المعلومات كانت مقصورة على نقل معلومات إلى منظمة الصحة العالمية بشكل وثائق هامة سبق أن تم نشرها في البلد المعني. ولاحقاً في العام 1951 ثم تبني القواعد التنظيمية الصحية الدولية (IHR) من أجل توفير قاعدة قانونية لإطار عمل المنظمة ولتبعات انتشار الأمراض المعدية العابرة للحدود. وتجدر الإشارة إلى أن الدول الأعضاء كانت قد طالبت منذ سنة 1995 بتعديل القوانين التنظيمية فيما يتعلق بالصحة العالمية لعدم تلاؤمها مع التحديات الجديدة .و في سنة 2005 تم اعتماد قواعد تنظيمية جديدة صادقت عليها الدول الأعضاء في منظمة الصحة العالمية وذلك بواسطة المواد من 6 الى 11 و قد ساهمت في اعتماد نظاماً متطوراً للإبلاغ عن الأمراض المعدية. إلا أن تلك القواعد التنظيمية لم يقع تفعيلها إلا منذ شهر جويلية من عام2007 [16].
ومن التبعات القانونية لفيروس الكورونا المستجد كغيره من الأوبئة أنه يحمل على الدول الأعضاء في منظمة الصحة العالمية بموجب المادة الرابعة من القواعد التنظيمة واجب الإبلاغ خلال 24 ساعة عن جميع الأحداث الوبائية التي يمكن أن تتصف بأي اهتمام عالمي من حيث حالات الطوارئ المتعلقة بالصحة العامة مع استخدام أسرع الوسائل المتوفرة للإعلام ،على أن يتم بعدها إرسال المعلومات المفصلة بسرعة فيما يتعلق بهذا و في حال وجود أية مخاطر كبيرة تتعلق بالصحة العامة وذات أهمية دولية نتيجة لعدم تعاون بعض الدول، تستطيع منظمة الصحة العالمية إعطاء المعلومات المتوفرة إلى البلدان الأعضاء الأخرى وفق مقتضيات المادة 10 الفقرة 4.كما تلزم الدول بإبلاغ مكتب الأوبئة الدولي (OIE) في باريس و يحمل عليهم واجب الكشف عن أية معلومات تتعلق بالتفتيشات الوبائية الحيوانية.
كما عقدت العديد من الدول الأوربية منذ عام 1852 مؤتمرات متعددة بهدف مكافحة الأمراض السارية وضبطها، وكان أغلبها يتعلق بمرض الكوليرا، ووقع إبرام عدة اتفاقيات منها اتفاقية البندقية لعام 1892 والتي تتعلق بمرض الكوليرا في طريق قناة السويس، واتفاقية عام 1893 في شأن مرض الكوليرا في الدول الأوربية، واتفاقية باريس لعام 1894 في شأن مرض الكوليرا في طرق مرور الحجاج، واتفاقية البندقية لعام 1897 في شأن انتشار وباء الطاعون في الشرق وفي عام 1912 أبرمت اتفاقية صحية متعددة الأطراف في باريس، وكانت تتسم بالتفصيل والاستيعاب ووضعت كبديل عن كافة الاتفاقيات والمعاهدات السابقة لها، وقد وقعت عليها 40 دولة وتتكون الاتفاقية من 160 مادة، كما تبادل المصادقة عليها 16 دولة من الدول الموقعة في باريس عام 1920، ثم وقعت اتفاقية أخرى متعددة الأطراف في باريس عام 1926 كبديل عن اتفاقية عام 1912 ووقع عليها 58 دولة من مختلف دول العالم وتتكون من 172 مادة[17] و أقرت مجموعة من الالتزامات المحمولة على الدول.
فضلا عن ذلك فقد أكدت منظمة العفو الدولية بان ليس للرقابة والتمييز والاحتجاز التعسفي وانتهاكات حقوق الإنسان مكان في مكافحة وباء فيروس كورونا. فانتهاكات حقوق الإنسان تعرقل، بدلاً من أن تسهل، الاستجابة لحالات الطوارئ الصحية العامة، وتقوض فعاليتها و دعت الدول إلى أن يكون تقييد الحقوق على غرار حق التنقل يستوفي مبادئ الضرورة والتناسب والشرعية[18].
ويظل من أهم الالتزامات المحمولة على الدول هو أخذ جميع الاحتياطات الكفيلة بعدم نشر أو تفشي الأوبئة لديها و كذلك في الدول الأخرى إلا أننا نطالع اليوم عديد الاتهامات لبعض الدول بالتسبب في فيروس كورونا المستجد.و قد أعلن ” تشاو لي جيان” المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية الصينية عن وجود ما يؤكد أن وكالة المخابرات الأمريكية المركزية هي التي نشرت فيروس كورونا وأنها قد قامت بإنشائه منذ سنة 2015 و كتب العديد من المحللين عن مدى اعتبار الرئيس الأمريكي مجرم حرب بتهمة إبادة بشرية وقد وقع تبادل الاتهامات بشأن نظرية المؤامرة بين عدة دول إلا أنها تبقى مجرد اتهامات طالما لا يوجد دراسة علمية تؤكدها.
كما يطرح السؤال هنا حول مدى التزام سلطات الاحتلال بوجود هذا الوباء العالمي على غرار وضع فلسطين المحتلة من قبل إسرائيل إذا ما سجلت حالات إصابة بفيروس الكورونا لديها و الحال أنها بحالة حصار و في هذا الصدد يمكن الرجوع إلى اتفاقية جينيف الرابعة والتي تنص في مادتها 56 أنه ” من واجب دولة الاحتلال أن تعمل، بأقصى ما تسمح به وسائلها، وبمعاونة السلطات الوطنية والمحلية، على صيانة المنشآت والخدمات الطبية والمستشفيات وكذلك الصحة العامة والشروط الصحية في الأراضي المحتلة، وذلك بوجه خاص عن طريق اعتماد وتطبيق التدابير الوقائية اللازمة لمكافحة انتشار الأمراض المعدية والأوبئة. ويسمح لجميع أفراد الخدمات الطبية بكل فئاتهم بأداء مهامهم”.
من المؤكد أن فيروس الكورونا مثل تهديدا عالميا للصحة و حتى لمكانة الدول و للسياسة العالمية استدعى جهود عالمية ووطنية و جعل من الجميع في سباق مع الزمن لتجاوز الأزمة .أزمة ألقت بظلالها على التشريع الداخلي حتى أنها ساهمت في خلق حالات من الفراغ التشريعي طورا و أدت إلى فوضى تشريعية طورا آخر.
- تداعيات فيروس الكورونا على القانون الداخلي
جاء بالفصل 38 من الدستور التونسي أن ” الصحة حق لكل إنسان تضمن الدولة الوقاية والرعاية الصحية لكل مواطن، وتوفر الإمكانيات الضرورية لضمان السلامة وجودة الخدمات الصحية تضمن الدولة العلاج المجاني لفاقدي السند، ولذوي الدخل المحدود. وتضمن الحق في التغطية الاجتماعية طبق ما ينظمه القانون” .كما أقر المشرّع التونسي الحق في الصحة في عدة قوانين منها القانون المؤرخ في 29 جويلية 1991[19] والمتعلق بالتنظيم الصحي وقد ورد في الفصل الأول منه أنه “لكل شخص الحق في حماية صحته في أحسن الظروف الممكنة” إلا أن حالة الوباء العالمي وان كانت تقتضي تظافر الجهود الوطنية و توحيدها نحو مقاومته فإنها تتطلب أرضية تشريعية ملائمة لهذا الظرف الاستثنائي العصيب خاصة في ظل إعلان حالة الطواريء.
وهو الأمر الذي أعاد نقاشات نادرة إلى الساحة القانونية في شأن الإشكاليات والمسائل التشريعية الخلافية التي تشوب هذه الفترة العسيرة التي تمر بها البلاد التونسية كغيرها ، بما فيها من ضبط للحريات واستعانة بالقوة العامة و إقرار لتدابير و إجراءات استثنائية و مساس بعدة حقوق كالحق في التنقل و الحق في حماية المعطيات الشخصية و الحق في التقاضي.
وما يجب الإشارة إليه في هذا الشأن انه من المؤكد أن هذا الوضع الإستثنائي جراء هذا الفيروس له تداعيات على التشريع الوطني الجزائي أو المدني من الأهمية بمكان.
- تداعيات فيروس الكورونا على مستوى تطبيق القانون المدني
” بين القانون المدني و الزمن علاقة هي علاقة الإنسان بالزمن لان القانون المدني و هو يؤطر العلاقات اليومية بين الأفراد في المجتمع يسعى إلى استيعاب الزمن و إدراكه و مسايرته بتمثلات متعددة ” مدة، أجل، مهلة، إمهال، بداية، غاية، وقت، تاريخ، ميعاد، ليل، نهار ” و بقياسات دقيقة ليدرج فيه فعل الإنسان عبر الالتزامات التي يرتضيها او يحملها تجاه سائر الأفراد “[20]
إلا انه عملا بقاعدة ” لا التزام بمستحيل ” باعتبار أن الوباء واقعة مادية صرفة ترتب آثارها على التصرفات القانونية، استحال تنفيذ الالتزامات وباتت معه جل العلاقات القانونية معلقة. ولئن تطرق المشرع إلى القوة القاهرة في كافّة فروع القانون التونسي إلا انه اكتفى بتحديد مفهومها و آثارها في المادّة التّعاقديّة. اذ جاء بالفصل 283 من مجلّة الإلتزامات و العقود أن ”القوة القاهرة التي لا يتيسر معها الوفاء بالعقود هي كل ما لا يستطيع الإنسان دفعه كالحوادث الطبيعية من فيضان ماء وقلة أمطار وزوابع وحريق وجراد أو كغزو أجنبي أو فعل الأمير. ولا يعتبر السبب الممكن اجتنابه قوة قاهرة إلا إذا أثبت المدين أنه استعمل كل الحزم في درئه. وكذلك السبب الحادث من خطأ متقدم من المدين فإنه لا يعتبر قوة قاهرة” و تتميّز القوّة القاهرة بعناصر أربع : هي حادث غير ممكن التّوقّع، مستحيل الدّفع، و خارجيّ المأتى، يكون معه تنفيذ الإلتزام مستحيلا. و هو ذات ما أكدته محكمة التعقيب في القرار التعقيبي عدد 16957 المؤرّخ في 25 أفريل 1989 “… أنّ القوّة القوّة القاهرة… هي الحادث الّذي لا يمكن توقّعه و يستحيل دفعه. فإذا أمكن توقّعه ولو استحال دفعه لم يكن قوّة قاهرة و لا أمرا طارئا، و إن أمكن دفعه ولو استحال توقّعه لم يكن قوّة قاهرة ولا أمرا طارئا…”. وان كان المشرع التونسي لم يشر إلى استحالة التوقع و اكتفى بالإشارة إلى استحالة الدفع و الحال أنهما مختلفان فاستحالة التوقع يتم تقديرها حال التعاقد أما استحالة الدفع فتكون معتبرة حال تنفيذ العقد.
عرّفت في القانون الرّوماني بأنّها ” كلّ ما يستعصي توقّعه بوسائل الإدراك الإنساني و حتّى و إن أمكن توقّعه فإنّه يستعصي على المقاومة[21]“.وعرفها الأستاذ محمّد الزّين بأنّها “حادث غير ممكن التّوقّع، مستحيل الدّفع، يصبح معه الوفاء بالإلتزام مستحيلا[22]“.و تختلف القوة القاهرة عن الظروف الطارئة التي تعرف بأنها “الحالات التي يكون معها العقد الممتد في التنفيذ او على الاقل مؤجلا و قد صادفه ظروف غير متوقعة بعد إبرامه ،بحيث يصبح تنفيذه صعبا و مرهقا للمدين.”[23]
وتجدر الإشارة إلى أن المشرع التونسي لم يدرج نظرية الظروف الطارئة على أهميتها و قد أدرجتها بعض التشاريع على غرار المشرع الفرنسي و كذلك المصري اذ وضعا قواعد تفصيلية لنظرية الظروف الطارئة و آثارها على العقود ،” فقد أجازت المادة 147/2 مدني مصري و المادة 1195 مدني فرنسي الحق في المطالبة القضائية بتعديل التزامه العقدي لتحقيق التوازن و العدالة في الالتزام إذا حدثت ظروف طارئة أثرت على تنفيذ العقد ، متى كانت الظروف غير متوقعة ،و الفرض في هذه الحالة انه قد يتعرض المدين إذا لم يكن العقد واجب النفاذ حال انعقاده إلى احتمال تغير الظروف عند التنفيذ عما كانت عليه وقت انعقاد الالتزام ، وهذا الاحتمال قد يترتب عليه أن يصبح التنفيذ التزاما مرهقا لأحد الأطراف مما قد يؤدي الى خسارة فادحة “[24] ومن ثمة نستنتج انه في حالة الظروف الطارئة التنفيذ يكون ممكنا لكنه مرهقا جدا يكبد المتعاقد خسارة فادحة.
وقد نص الفصل 283 من مجلّة الإلتزامات و العقود أنّه ” لا يلزم المدين بتعويض الخسارة إذا أثبت سببا غير منسوب إليه منعه من الوفاء أو أخّره عنه كالقوّة القاهرة و الأمر الطّارئ و مماطلة الدّائن“. فهل تعتبر جائحة الكورونا الصورة المثلى للقوة القاهرة أم ظرفا طارئا ؟
في حقيقة الأمر تقدير ذلك سيكون وفق الحالات المعروضة و مدى تأثير هذه الجائحة على تنفيذ العقد . وان كان شق من الفقهاء قد اعتبر ان القوة القاهرة ليست جائحة الكورونا في حد ذاتها و إنما الظروف التي أحدثتها و التي حالت دون تنفيذ الالتزامات التعاقدية سواء بصفة كلية أو جزئية .
و لئن كان واضحا تبني المشرع التونسي للقوة القاهرة في القانون المدني الموضوعي و ذلك رغم اختلاف القضاء في التعامل معها شدة ولينا، إلا أنه لم يتبناه في القانون المدني الإجرائي ، و ممّا لا شكّ فيه انه بات من المستحيل احترام أجال التقاضي في ظل الوضع المربك الذي شهدته البلاد كما وقع تعليق و تأخير الجلسات في جل المحاكم و اقتصر النظر في القضايا الجزائية.
وقد اعتبر المجلس الأعلى للقضاء بمقتضى مذكرة صادرة عنه بتاريخ 15 مارس 2020 أن الوضع الصحي العام الذي تمر به البلاد هو من قبيل القوة القاهرة .لكن في ظل غياب نص قانوني في مجلة المرافعات المدنية و التجارية يعترف بالقوة القاهرة في المادة الإجرائية على غرار المادة الجزائية، يطرح الظرف الحالي إشكالات تستدعي التوضيح .
”فمن جهة الإجراءات فالملاحظ أنها تتضمن جانبا شكليا يتعلق بشكليات رفع الدعوى و شروط التعهد و سير الخصومة و شروط الطعن و كل إخلال بالجوانب الإجرائية الشكلية يترتب عنه جزاء البطلان الإجرائي الذي نص عليه الفصل 14 م م م ت هو جزاء الإخلال بالشكل الإجرائي ”[25]
من المسلم به أن الإجراءات توأم الحرية وباب النفاذ إلى الحق. و تعد آجال التقاضي من المسقطات بصريح الفصل 143 من مجلة م م م ت فيما يتعلق بالاستئناف إذا كان القيام خارج الأجل القانوني والفصل 195 فيما يتعلق بالتعقيب. و من ثمة يجب حماية حق المتقاضي في ظل هذا الظرف العالمي جراء انتشار فيروس الكورونا خاصة وانه ” من وظائف المحاكم السهر على سلامة تطبيق القانون موضوعيا وإجرائيا إلا انه ينبغي كذلك أن لا يغيب عنها الغاية من تشريع القواعد الإجرائية إنما قصد به أولا وقبل كل شيء تأمين السبل الكفيلة بإعلاء الحق وتمكين صاحبه منه, أما إذا تعارضت القاعدة الإجرائية مع ذلك الحق وأصبحت في بعض الصور حائلا دون تأمينه بل وسببا في هدره وضياعه فإنه يصبح من أوكد واجبات القضاء وهو الحارس الأمين على حقوق المتقاضين ألا تصده الإجراءات الشكلية عن تغليب المبدأ القاضي بأن الحق يعلو ولا يعلى عليه وان ما بعد الحق إلا الضلال [26]“.
ويقصد ” بالقوة القاهرة في هذا الصدد الاجتهادات و الوقائع الخاصة بالخصم… و ذلك بان تحول بينه و بين المطالبة بحقوقه أو حماية مراكزه القانونية أو قيامه بتنفيذ الأعباء والواجبات الإجرائية الملقاة على عاتقه خلال المدة المحددة بالقانون”[27]
فإذا كانت القوة القاهرة تحول دون تنفيذ المتعاقدين لالتزاماتهم العقدية فلا شك أن القوة القاهرة بدورها ستحول دون ممارستهم للأعمال الإجرائية و ستفقدهم مراكزهم القانونية.
و العمل الإجرائي هو” العمل الذي يرتب القانون عليه أثرا و يكون جزءا من الخصومة[28] ” أي انه ”عمل يرتب عليه القانون أثرا إجرائيا و يكون جزءا من الدعوى سواء تعلق الأمر ببدئها أو بالمشاركة فيها تدخلا أو اختصاصا أثناء نظرها أو التقدم بدعوى حادثة أو إنهاء الدعوى الأصلية”[29]
و بالتالي كان من الأجدر تأصيل مسألة القوة القاهرة في المادة الإجرائية في إطار ما وقع التعبير عنه بمبدأ التناسب في الجزاءات الإجرائية ” Proportionality in procuderal ” و هو’ ‘مبدأ ينبع من أفكار المعقولية والاعتدال ليفرض على المشرع إلتزاما بمراعاة العقلانية عند استخدام سلطته في وضع الإجراء و الجزاء بهدف التوفيق بين حماية المصلحة العامة و حقوق و حريات الأفراد التي يحميها الدستور ولمبدأ التناسب دور مهم في الجزاءات كالبطلان و السقوط و عدم القبول فلا جزاء دون تفعيل فكرة التناسب و ذلك مراعاة لحقوق و حريات الأفراد التي لا يجوز تقييدها أو إهمالها بأي شكل من الأشكال”[30] و الذي يمكن التعبير عنه كذلك بالعدالة الإجرائية .
وفي القانون المقارن، نجد أن المشرع العراقي قد فعل مبدأ التناسب الإجرائي في دستور سنة 2005 بالفصل 19 سادسا الذي أقر” لكل فرد الحق في أن يعامل معاملة عادلة في الإجراءات الإدارية و القضائية ”
و في فرنسا ينص المشرع بالمادة 540 من قانون المرافعات أنه ” يجوز للقاضي أن يعفي المحكوم عليه من سقوط حقه في الاستئناف لرفعه بعد الميعاد إذا لم يعلم بالحكم في وقت مناسب لممارسة حقه في الطعن أو إذا استحال عليه أن يلجأ إلى القضاء و كان ذلك بدون خطأ من جانبه”[31] كما نص صراحة عند مخالفة الإجراءات الشكلية الذي يعزى لقوة قاهرة على عدم إعمال جزاء الإخلال المنصوص عليه بالفصول 905 و908 و911 ورغم ذلك فقد اقر البرلمان الفرنسي بتاريخ 23 مارس 2020 قانون الطوارئ الصحية الذي يخول للحكومة سلطات واسعة لمدة شهرين فتم إصدار مرسوم يتعلق بتعليق آجال إجراءات التقاضي [32].
كما نص المشرع المغربي بمقتضى المادة السادسة من مرسوم بقانون رقم 2.20.292 صادر في 23 مارس 2020 يتعلق بسن أحكام خاصة بحالة الطواريء الصحية و إجراءات الإعلان عنها انه ” يوقف سريان مفعول جميع الآجال المنصوص عليها في النصوص التشريعية و التنظيمية الجاري بها العمل خلال فترة حالة الطواريء الصحية المعلن عنها. و يستأنف احتسابها ابتداء من اليوم الموالي ليوم رفع حالة الطواريء المذكورة .تستثنى من أحكام الفقرة الأولى أعلاه آجال الطعن بالاستئناف الخاصة بقضايا الأشخاص المتابعين في حالة اعتقال و كذا مدد الوضع تحت الحراسة النظرية و الاعتقال الاحتياطي”
و إيمانا منه بضرورة حسن سير مرفق القضاء والتأصيل القانوني للقوة القاهرة في مادة المرافعات المدنية والتجارية في ظل هذا الوضع و تفعيلا للعدالة الإجرائية، اصدر المجلس الأعلى للقضاء بتاريخ 23 مارس 2020 بلاغا جاء فيه انه ” في إطار ممارسته لصلاحياته الدستورية في ضمان حسن سير القضاء و حرصا على توحيد الاجتهادات القضائية في التعاطي مع المسائل الإجرائية الطارئة تبعا لتعليق العمل بالمحاكم في إطار التوقي من انتشار فيروس كورونا الجديد كوفيد 19 بالبلاد التونسية ، تولى إحالة مقترح قانون أساسي على السلطة التشريعية يتعلق بأحكام استثنائية خاصة ” إلا انه جوبه بالرفض لصدور المقترح عن جهة غير مختصة.
و في هذا الصدد و بناء على ما سبق بسطه، أحيل مشروع قانون التفويض لرئيس الحكومة في إصدار مراسيم على مجلس نواب الشعب وذلك لمدة شهرين حتى يتسنى مجابهة الفيروس و تأمين السير العادي للمرافق الحيوية و من بينها مرفق العدالة. و جاء هذا التفويض تطبيقا للفقرة الثانية من الفصل 70 من الدستور” يمكن لمجلس نواب الشّعب بثلاثة أخماس أعضائه أن يفوض بقانون لمدّة محدودة لا تتجاوز الشّهرين و لغرض معيّن إلى رئيس الحكومة إصدار مراسيم تدخل في مجال القانون تعرض حال انقضاء المدّة المذكورة على مصادقة المجلس. يستثنى النّظام الانتخابي من مجال المراسيم”.وعلى إثره صدر القانون عدد 19 لسنة 2020 مؤرخ في 12 افريل 2020 يتعلق بالتفويض إلى رئيس الحكومة في إصدار مراسيم لغرض مجابهة تداعيات انتشار فيروس كورونا و الذي أكد في فصله الأول على انه ” يقتصر التفويض في ميدان الحقوق والحريات و ضبط الجنايات و الجنح و المخالفات و العقوبات و الإجراءات أمام المحاكم ويشمل التدابير الهادفة إلى
- إقرار أحكام استثنائية في الآجال و الإجراءات في الدعاوى و الطعون أمام مختلف أصناف المحاكم و بصفة عامة في كل الإجراءات و الآجال المتعلقة بالالتزامات المدنية والتجارية وغيرها.
- تنظيم الحقوق و الحريات بما يتلاءم مع التدابير الوقائية المستوجبة لمقاومة تفشي فيروس كورونا و انتقال العدوى به و بما يتماشى مع مقتضيات الفصل 49 من الدستور.
- تجريم الأفعال التي من شأنها أن تتسبب في انتشار العدوى بفيروس كورونا أو تعطيل الإجراءات المتخذة لمكافحة هذا الفيروس و لمواجهة التداعيات المترتبة عنه و ضبط العقوبات المستوجبة لردع تلك الأفعال “.
وبتاريخ 17 أفريل 2020 صدر مرسوم من رئيس الحكومة عدد 8 لسنة 2020 يتعلق بتعليق الإجراءات و الآجال و نص على انه تُعلّق الإجراءات والآجال المنصوص عليها بالنصوص القانونية الجاري بها العمل وخاصة تلك المتعلقة برفع الدعاوى وتقييدها ونشرها واستدعاء الخصوم والإدخال والتداخل والطعون مهما كانت طبيعتها والتبيلغ والتنابيه والمطالب والإعلامات ومذكرات الطعن والدفاع والتصاريح والترسيم والإشهارات والتحيين والتنفيذ والتقادم والسقوط. كما تعلق الآجال والإجراءات المتعلقة بالالتزامات المعلقة على شرط أو أجل.
وتعلق آجال وإجراءات التسوية والتتبع والتنفيذ المتعلقة بالشيكات.
ويترتب عن التعليق توقف سريان جميع الفوائض وغرامات التأخير والخطايا.
و يسري التعليق المشار إليه بالفصل الأول من هذا المرسوم بداية من 11 مارس 2020 ويُستأنف احتساب الآجال المذكورة بعد شهر من تاريخ نشر أمر حكومي في الغرض.
هذا و قد استثنى من أحكام هذا المرسوم آجال الطعن المتعلقة بقضايا الموقوفين وآجال الاحتفاظ والإيقاف التحفظي وإجراءات التنفيذ الخاصة بالمفتش عنهم وآجال التتبع وسقوط العقوبات[33]. نظرا وان هذه الأعمال تمت مواصلة النظر فيها من قبل السادة القضاة طيلة فترة الحجر.
هذا و قد صدر بتاريخ 15 ماي أمر حكومي يتعلق بتفعيل أحكام الفصل الثاني من المرسوم و المتعلق باستئناف احتساب الآجال .
- تداعيات فيروس الكورونا على مستوى تطبيق القانون الجزائي
” إن الحقوق و الحريات الفردية والعامة لا يمكن الانتفاع بها و ممارستها بصفة عادية في الحالات الاستثنائية التي يصبح فيها كيان الدولة مهددا بخطر وشيك يحول دون السير العادي لدواليبها .وفي هذا السياق يقول ماكيافال عندما يتعلق الأمر بإنقاذ البلاد فلا اعتبارا للعدالة أو الظلم أو الإنسانية أو القساوة أو المجد أو الفضيحة فكل ما من شأنه أن ينقذ البلاد و يحافظ على حريتها يعتبر صالحا[34]”
ونصت الفقرة الأولى من المادة (15) من الاتفاقية الأوربية لحقوق الإنسان لعام 1950 على ما يلي: ”في حالة الحرب أو الخطر العام الذي يهدد حياة الأمة يجوز لكل طرف سام متعاقد أن يتخذ تدابير تخالف الالتزامات المنصوص عليها في هذا الميثاق في أضيق الحدود التي يتطلبها الوضع وبشرط أن لا تتناقض هذه التدابير مع بقية الالتزامات المنبثقة عن القانون الدولي.”
أما الاتفاقية الأمريكية لحقوق الإنسان لعام 1969فقد أكدت في المادة(27/1) منها على أنه لا يمكن للدولة الطرف في أوقات الحرب أو الخطر العام أو سواهما في الحالات الطارئة التي تهدد استقلال الدولة أو أمنها أن تتخذ من إجراءات تحد من التزامها بموجب الاتفاقية الحالية ولكن فقط بالقدر وخلال المدة التي تقتضيها ضرورات الوضع الطارئ شريطة أن لا تتعارض تلك الإجراءات مع التزاماتها الأخرى بمقتضى القانون الدولي ولا تنطوي على تميز بسبب العرق أو اللون أو الجنس أو اللغة أو الدين أو الأصل الاجتماعي”.
وتعيش تونس اليوم كغيرها من دول العالم حالة طواريء صحية تفترض آليات مغايرة .
لم يعرف المشرع التونسي حالة الطواريء الصحية على غرار المشرع الكندي الذي خصص لها الفصول من 118 إلى 130 من قانون الصحة المؤرخ في 20 ديسمبر 2001 و قد اكتفى بالإشارة الضمنية إليها بالأمر عدد 1064 لسنة 1974 المؤرخ في 28 نوفمبر 1974 المتعلق بمهمة وزارة الصحة انه ” في صورة ظهور بلاء خطير من شأنه أن يهدد صحة السكان يمكن لوزارة الصحة أن تقوم مباشرة بنشاط صحي معين أو تسخير من يقوم به و ذلك لمجابهة وضع يتطلب المبادرة “
و حالة الطواريء عامة ينظمها في القانون التونسي الأمر عدد 50 لسنة 1978 مؤرخ في 26 جانفي 1978 يتعلق بتنظيم حالة الطوارئ[35] أمر يشمل اثني عشر فصلا ، أعلن في فصله الأول انه ” يمكن إعلان حالة الطوارئ بكامل تراب الجمهورية أو ببعضه إما في حالة خطر داهم ناتج عن نيل خطير من النظام العام، وإما في حصول أحداث تكتسي بخطورتها صبغة كارثة عامة”.و قانون الطواريء قانون استثنائي يقع تفعيله في الظروف غير الاعتيادية. و قد وقع العمل بهذا الأمر خلافا للتشريع المغربي الذي سارع الى تنظيم حالة الطواريء الصحية بموجب المرسوم عدد 2.20.292 الصادر في 23 مارس 2020 المتعلق بسن أحكام خاصة بحالة الطواريء الصحية وإجراءات الإعلان عنها
و قد خول هذا الأمر للوالي الإعلان عن حالة الطوارئ في المناطق المشار إليها بالفصل الثاني وبحسب ما تقتضيه ضرورة الأمن أو النظام العام في ما يلي:
- منع جولان الأشخاص والعربات.
- منع كل إضراب أو صد عن العمل حتى ولو تقرر قبل الإعلان عن حالة الطوارئ.
- تنظيم إقامة الأشخاص.
- تحجير الإقامة على أي شخص يحاول بأي طريقة كانت عرقلة نشاط السلط العمومية.
- اللجوء إلى تسخير الأشخاص والمكاسب الضرورية لحسن سير المصالح العمومية والنشاطات ذات المصلحة الحيوية بالنسبة للأمة.
و يخول هذا الأمر لوزير الداخلية أيضا و للوالي في الحدود الترابية للولاية اتخاذ مجموعة من التدابيرالاحترازية كأن يضع تحت الإقامة الجبرية في منطقة ترابية أو ببلدة معينة أي شخص يعتبر نشاطه خطيرا على الأمن والنظام العامين بتلك المناطق.و يتعين على السلط الإدارية اتخاذ كل الإجراءات لضمان معيشة هؤلاء الأشخاص وعائلاتهم. فضلا عن صلاحياته بالنسبة إلى كامل التراب الذي أعلنت به حالة الطوارئ الأمر بالغلق المؤقت لقاعات العروض ومحلات بيع المشروبات وأماكن الاجتماعات مهما كان نوعها كما يمكن تحجير الاجتماعات التي من شأنها الإخلال بالأمن أو التمادي في ذلك.
والإقامة الجبرية تدبير استثنائي وهي ” إجراء إداري أو تنفيذي يتم بمقتضاه حرمان شخص معين من حريته بدون توجيه اتهامات إليه و ذلك لدواع أمنية محضة ضمن إحدى المناطق المشمولة بحالة الطواريء” [36]
وينص هذا الأمر على عقوبة مخالفة تلك التدابير بالفصل 9 منه الذي اقتضى ” أن كل مخالفة لأحكام هذا الأمر تعاقب بالسجن لمدة تتراوح بين ستة أشهر وسنتين وبخطية تتراوح بين ستين (60 د) وألفين وخمسمائة دينار (2500 د ) أو بإحدى هاتين العقوبتين فقط”.
ونتيجة لانتشار فيروس الكورونا بتونس، صدر الأمر الحكومي عدد 152 لسنة 2020 المؤرخ في 13 مارس 2020 يتعلق باعتبار الإصابة بفيروس كورونا الجديد “كوفيد 19 “من صنف الأمراض السارية المدرجة بالمرفق الملحق بالقانون عدد 71 لسنة 1992 المؤرخ في 27 جويلية 1992 المتعلق بالأمراض السارية.
ووفق مقتضيات الفصل 11 من القانون عدد 71 لسنة 1992 المؤرخ في 27 جويلية 1992 المتعلق بالأمراض السارية ، فإنه يمكن إصدار قرار الاستشفاء الوجوبي لغرض العزل الإتقائي ضد الأشخاص المصابين بأحد الأمراض المنصوص عليها بالمرفق الثاني الملحق بهذا القانون وذلك في الحالات التالية: أولا إذا رفضوا مباشرة أو متابعة العلاج المحدد لهم رغم إلزامهم بذلك مع إثباته مثلما هو منصوص عليه بالفصل 9 من هذا القانون،
ثانيا إذا سعوا عمدا من خلال سلوكهم إلى انتقال المرض المصابين به إلى أشخاص آخرين.
كما نص الأمر المذكور بالفصل 18 أنه ”يعاقب كل من ثبت ارتكابه للأفعال المنصوص عليها بالفقرة 2 من الفصل 11 من هذا القانون بالسجن مدة تتراوح بين سنة و ثلاثة سنوات”.
هذا ويعاقب كل مخالف لأحكام الفصل 14 من هذا القانون بالسجن مدة تتراوح بين شهر وستة أشهروفق أحكام الفصل 19 من ذات الأمر .
ولا يمكن لأي شخص وقع استشفاؤه وجوبا تطبيقا لأحكام هذا القانون أن يغادر من تلقاء نفسه المؤسسة التي وقع قبوله لديها[37] و تنفذ العقوبات المنصوص عليها بالفصلين 18 و 19 من هذا القانون في وسط استشفائي معد لذلك.
و لم يتعرض المشرع بالقانون المذكور إلى جريمة نقل المرض إلى الغير من قبل الطبيب أو المريض و الناتج عنه الموت نتيجة عدم اخذ الاحتياطات اللازمة و هنا يمكن العودة إلى أحكام الفصل 217 من المجلة الجزائية الذي يستوعب هذه الأفعال.
فضلا عن ذلك ، المتـأمل في القانون التونسي يلاحظ أنه بشأن مخالفة قرار الحجر الصحي يمكن تفعيل الفصل 312 من المجلة الجزائية الذي سلط عقوبة بالسجن مدة ستة أشهر وخطية قدرها مائة وعشرون دينارا لكل من يخالف التحجيرات وتدابير الوقاية والمراقبة المأمور بها حال وجود مرض وبائي”
و في إطار الفصل 49 من الدستور الذي وضع ضوابط للحقوق و الحريات لضرورة اقتضتها مقتضيات الأمن العام و الصحة العامة و حماية حقوق الغير ، صدر الأمر الرئاسي عدد 24 لسنة 2020 بتاريخ 18 مارس 2020 الذي حجر على الأفراد و العربات الجولان من السادسة مساء إلى السادسة صباحا ما عدا الحالات الصحية العاجلة و أصحاب العمل الليلي.
و قد تقرر اتخاذ تدابير استثنائية تستوجب الحد من حركة المواطنين، من خلال اشتراط مغادرة مقرات السكن بعد الحصول على ترخيص في ذلك و في حالات قصوى .
هذا و قد أصدرت وزارة الداخلية بلاغا أكدت فيه انه سيتم السحب الفوري لرخص سياقة من يتولون قيادتها و البطاقات الرمادية التابعة لها لكل مخالف للحظر الصحي العام لم يقدم أسبابا وجيهة تبرر تنقله و رغم أن هذا القرار و إن كان ناجعا للحد من مخالفة قرار الحظر الصحي العام إلا انه يتعارض مع الفصل 92 من مجلة الطرقات الذي يحدد حالات سحب رخصة السياقة بالحالات التالية :
- السياقة تحت تأثير حالة كحولية أو رفض الخضوع لإجراءات إثبات الحالة الكحولية
- § .السير في الاتجاه المعاكس بالطرقات السيارة أو الرجوع على الأعقاب لاسيما بعبور الأرض المسطحة أو باستعمال نقاط العبور الخاصة.
- القتـل أو الجـرح على وجه الخطإ.
و نظرا لتزايد حالات الإصابة بفيروس الكورونا، لم يتوان رئيس الجمهورية عن مزيد تفعيل مقتضيات الفصل 49 من الدستور ليقر الحجر الصحي الشامل بمقتضى الأمر الرئاسي عدد 28 الصادر بتاريخ 22 مارس 2020 والذي حجر الجولان خارج أوقات منع الجولان ماعدا لقضاء حاجيات أساسية ولأسباب صحية مستعجلة كما منع كل تجمع يفوق ثلاثة أشخاص بالطريق العام وجاء الأمر الحكومي عدد 156 لسنة 2020 مؤرخ في 22 مارس 2020 بضبط الحاجيات الأساسية و مقتضيات ضمان استمرارية سير المرافق الحيوية في إطار تطبيق إجراءات الحجر الصحي الشامل[38].
مع الإشارة إلى أن الحجر الصحي العام لم يعرفه المشرع التونسي ويمكن الاستناد إلى تعريف دولة الإمارات العربية المتحدة بمقتضى القانون الاتحادي رقم 14 لسنة 2014 في شأن مكافحة الأمراض السارية بأنه ” تقييد أنشطة الأصحاء من الأشخاص أو الحيوانات الذين تعرضوا للعامل الممرض أثناء فترة انتشار المرض و ذلك لفترة تعادل أطول مدة حضانة”.
مع التنويه الى ان وزارة الداخلية قد أصدرت بلاغ ثان أكدت فيه أنه في إطار بسط سلطة القانون وتطبيق مقتضيات الحجر الصحي العام، فإنها تُعلم جميع المواطنين وأنه تقرر إنطلاقا من الساعة السادسة صباحاً من يوم الجمعة الموافق لـ 27 مارس 2020 حجز جميع وسائل النقل الخاصة بكامل تراب الجمهورية والتي يتم إستعمالها دون وجود مبرر للجولان مما أثار الجدل حول مدى جواز قيام وزير الداخلية بحجز السيارات بمقتضى بلاغ و مدى تعارض هذا الإجراء مع حقوق الأفراد وان كان يفترض تدخل الأجهزة القضائية التي لم يشر إليها البلاغ حتى يتسنى الحصول على اذن قضائي في ذلك من اجل مخالفة الأوامر الصادرة ممن له النظر[39] .
و هنا تظل الإشكالية قائمة فيما يتعلق بالتعارض بين ضرورة حماية الصحة العامة بإجبار الأفراد على الالتزام بالحجر الصحي الشامل و حماية حقوق الإنسان و سيادة تطبيق القانون.يتضح أيضا أن الحماية الفعلية لحقوق الإنسان تتأثر تأثرا كبيرا من القيود التي تسلط عليها سواء كانت القيود نابعة من منهج الحماية ذاته أو من التدابير المتخذة خلال فترة الطواريء و عليه يظل الرهان قائما على المسؤولية الاجتماعية في هذا الظرف.
إلا أننا شهدنا استغلالا لهذا الظرف ، ارتفاع ظاهرة الاحتكار وتعمد الزيادة المشطة في الأسعار، فوقع تفعيل الفصول الواردة بالمجلة الجزائية و كذلك بالقانون عدد 36 لسنة 2015 المؤرخ في 15 سبتمبر 2015 والمتعلق بإعادة تنظيم المنافسة والأسعار .
نص الفصل 139 من المجلة الجزائية على أنه ” يعاقب بالسجن من شهرين إلى عامين وبخطية من أربعمائة وثمانين دينارا إلى أربعة وعشرين ألف دينارا كل من يحدث أو يحاول أن يحدث مباشرة أو بواسطة ترفيعا أو تخفيضا مصطنعا في أسعار المواد الغذائية أو البضائع أو الأشياء العامة أو الخاصة وذلك : بتعمد ترويج أخبار غير صحيحة أو مشينة لدى العموم أو تقديم عروض بـالسوق بهدف إدخال اضطراب على الأسعار أو تقديم عروض شراء بأسعار تفوق ما طلبه الباعة أنفسهم أو بغيرها من وسائل وطرق الخداع مهما كان نوعها أو بممارسة أو محاولة ممارسة تدخل فردي أو جماعي على السوق بقصد الحصول على ربح لا يكون نتيجة قاعدة العرض والطلب الطبيعيين.
ويحكم زيادة على ذلك بمنع الإقامة لمدة لا تقلّ عن عامين ولا تتجاوزخمسة أعوام”. كما كان المشرع صارما بالفصل 140 ليكون العقاب بالسجن من عام إلى ثلاثة أعوام وبخطية من ألف ومائتي دينار إلى ستة وثلاثين ألف دينار إذا تعلّق الترفيع أو التخفيض أو محاولة ذلك بحبوب أو دقيق أو مواد غذائية أو مشروبات أو محروقات أو أسمدة.ويرفع العقاب إلى السجن مدة خمسة أعوام وخطية قدرها ثمانية وأربعون ألف دينار إذا لم تكن المواد الغذائية أو البضائع داخلة في الدائرة الاعتيادية لنشاط المخالف.ويجوز للمحكمة زيادة على ذلك القضاء بمنع الإقامة لمدة لا تقل عن خمسة أعوام ولا تتجاوز عشرة أعوام”
أما القانون عدد 36 لسنة 2015 مؤرخ في 15 سبتمبر 2015 المتعلق بإعادة تنظيم المنافسة والأسعارفلقد نص على جملة من العقوبات المتراوحة بين الخطية المالية والعقوبة السجنية بالفصلين 47 و 49 كالآتي
اقتضى الفصل 47 أنه ”يعـاقب من أجل رفض البيع أو البيع المشروط المنصوص عليها بالفصل 31 من هذا القانون بخطية من 200 دينار إلى 10.000 دينار.ويعاقب بالخطية نفسها من أجل عدم تنفيع المستهلك بتخفيض الأسعار في الحالات المنصوص عليها بالفصل 32 من هذا القانون على ألاّ تقل الخطية عن المبلغ المنتفع به.” أما الفصل 49 فنص على أنه ”بقطع النظر عن العقوبات المنصوص عليها بالتشريع الجاري به العمل، يعاقب بالسجن من شهر إلى عام وبخطية من 1000 دينار إلى 100.000 دينار أو بإحدى العقوبتين كل من :
1 ـ رفّع أو خفّض بصفة وهمية أو حاول ذلك في سعر بيع منتوج أو خدمات باستعمال أية وسيلة كانت أو قام بمزايدات قصد التأثير على المستوى الطبيعي للأسعار.
2 ـ مسك مخزونات لغرض بيعها أو المضاربة فيها دون أن تتوفر فيه شروط ممارسة التجارة المنصوص عليها بالتشريع الجاري به العمل.
3 ـ قام بعمليات تجارية باعتماد وسائل ملتوية كتحرير فواتير غير مطابقة للواقع أو فواتير مجاملة.
4 ـ مسك منتوجات لا تدخل في نطاق النشاط المهني المصرح به.
5 ـ قام بمسك أو استعمال أو ترويج منتوجات مجهولة المصدر المنصوص عليها بالفقرة 4 من الفصل 37 من هذا القانون.
6 ـ إخفاء بضاعة أسعارها حرة لم يزوّد بها حرفاءه أو مغازاته أو فضاءات العرض للعموم.”
و فيما يتعلق بالقواعد الإجرائية فيمكن اعتبار فيروس الكورونا، قوة قاهرة تمكن من القيام خارج الآجال وفق مقتضيات الفصلين 213 و 262 من مجلة الاجراءات الجزائية . و نظرا لتداعيات فيروس الكورونا و ما يقتضيه من تباعد بين الأفراد و حيطة و صونا في الآن ذاته لحقوق المتقاضين في المادة الجزائية ، وقع إصدار المرسوم عدد 12 لسنة 2020 المتعلق بإتمام مجلة الإجراءات الجزائية والمتضمن المحاكمة عن بعد للموقوفين و قد أضاف الفصل 141 مكرر إلى مجلة الإجراءات الجزائية .
وقد نص الفصل المذكور على أنه يمكن للمحكمة أن تقرر من تلقاء نفسها أو بطلب من النيابة العمومية أو المتهم، حضور المتهم المودع بالسجن بجلسات المحاكمة والتصريح بالحكم الصادر في شأنه، باستعمال وسائل الاتصال السمعي البصري المؤمنة للتواصل بين قاعة الجلسة المنتصبة بها المحكمة والفضاء السجني المجهز للغرض، وذلك بعد عرض الأمر على النيابة العمومية لإبداء الرأي وشرط موافقة المتهم على ذلك.
ويجوز للمحكمة في حالة الخطر الملم أو لغاية التوقي من إحدى الأمراض السارية أن تقرر العمل بهذا الإجراء دون التوقف على موافقة المتهم المودع بالسجن.
يكون القرار الصادر عن المحكمة باعتماد وسائل الاتصال السمعي البصري كتابيا ومعللا وغير قابل للطعن بأي وجه من الأوجه، ويعلم به مدير السجن المعني والمتهم ومحاميه عند الاقتضاء بكل وسيلة تترك أثرا كتابيا في أجل لا يقل عن خمسة (5) أيام قبل تاريخ الجلسة، وللمحامي في هذه الحالة الخيار بين الدفاع عن منوبه بقاعة الجلسة المنتصبة بها المحكمة أو بالفضاء السجني الحاضر به منوبه.
ويعتبر الفضاء السجني المخصص والمجهز لغرض التواصل السمعي البصري بين المحكمة والمتهم ومحاميه عند الاقتضاء، امتدادا لقاعة الجلسة وتنطبق به نفس القواعد المنظمة لتسيير الجلسة وحفظ النظام بها وزجر كل إخلال به وفقا للتشريع الجاري به العمل.
وفي كلّ الحالات يتمتع المتهم المودع بالسجن والواقع محاكمته باعتماد وسائل الاتصال السمعي البصري بكلّ ضمانات المحاكمة العادلة وتسري على محاكمته نفس الإجراءات المنطبقة على وضعية المتهم الحاضر شخصيا بقاعة الجلسة كما تترتب عنها نفس الآثار القانونية.
في صورة اختيار المحامي الحضور إلى جانب منوبه بالفضاء السجني المخصص للتواصل السمعي البصري مع المحكمة، فإنه يمكّن من المرافعة عن منوبه وتقديم ملاحظاته وطلباته طبق القانون، على أن توجه التقارير الكتابية والمؤيدات للمحكمة المتعهدة قبل تاريخ الجلسة بيوم واحد على الأقل.
ولرئيس الجلسة في صورة حصول خلل فني أو انقطاع الربط والإرسال السمعي البصري تعليق الجلسة لمدة لا تتجاوز الساعتين أو تأجيلها لموعد لاحق بعد أخذ رأي ممثل النيابة العمومية.
وفي صورة اتخاذ قرار بتعليق الجلسة فإنها ُتستأنف من حيث توقفت.
. بداية يجدر التذكير بان المشرع التونسي كان قد أشار إلى إمكانية اللجوء الى هذه آلية في بعض القوانين على غرار الفصل 51 من القانون الأساسي عدد 61 لسنة 2016 المؤرخ في 3أوت 2016 المتعلق بمنع الاتجار بالأشخاص ومكافحته” الذي يمكن قاضي التحقيق أو غيره من الهيئات القضائية في حالات الخطر الملمّ وإن اقتضت الضرورة ذلك إجراء أعمال البحث أو الإذن بانعقاد الجلسة بغير مكانها المعتاد مع اتخاذ التدابير اللازمة لضمان حق المتهم في الدفاع عن نفسه.
ولهما أن يقرّرا استنطاق المتهم وتلقي تصريحات من يَرَيَان فائدة في سماعه باستعمال وسائل الاتصال المرئية أو المسموعة الملائمة دون ضرورة لحضور المعني بالأمر شخصيا.
وتتخذ حينئذ التدابير الكفيلة بعدم الكشف عن الأشخاص الواقع سماعهم”
يبدو هذا التنقيح للوهلة الأولى مستجدا و واعدا كما يعد اللبنة الأولى نحو إرساء الرقمنة في المحاكم إلا أن قراءة معمقة له واقعا و قانونا تكشف عن هناته.أولا و قبل الخوض في الإشكاليات التي يطرحها إرساء آلية المحاكمة عن بعد فإن تنقيح مجلة الإجراءات الجزائية بمقتضى المرسوم عدد 12 و إرساء المحاكمة عن بعد بصفة دائمة و عدم الاقتصار على الفترة الاستثنائية يعد تجاوزا لنطاق التفويض النيابي لرئيس الحكومة.[40]
إن المتأمل لهذا الفصل يلاحظ أن المشرع[41] قد اقتصر في تنظيمه لسير المحاكمة عن بعد على القضاء الواقف و الجالس و المتهم دون أن يتطرق الى بقية المتداخلين على غرار الشاهد و القائم بالحق الشخصي كما انه لم يتعرض الى كيفية المكافحة في حال تعدد المتهمين و تعدد أماكن إيقافهم او في صورة وجود متهمين بحالة ايقاف و آخرين بحالة سراح ، فضلا على انه اقتضى في صورة الخلل الفني ان يتم التعليق لمدة ساعتين و الحال ان حجم العمل وعدد الملفات لن يسمحا بذلك كذلك أدرج عبارة الخطر الملم دون تحديده .
يطرح التساؤل أيضا بشأن حماية المعطيات الشخصية للمتقاضين و في هذا الصدد وقعت استشارة الهيئة الوطنية لحماية المعطيات الشخصية التي أبدت رايها بتاريخ 21 افريل 2020 مؤكدة على ان البث يتم دون تسجيل لفيديوهات او احتفاظ بتسجيلات و اقترحت ان يتضمن المرسوم تنصيصا صريحا على انه في صورة القيام بتسجيلات فانها تعد غير قانونية ولا يمكن اعتمادها في محاكمة اخرى.
و بغض النظر عن الجانب القانوني المحاكم التونسية تعاني من بنية تحتية هشة و لا يخفى على المتداخلين في مرفق العدالة صعوبات العمل التي يعاني منها السادة القضاة في ظل غياب التجهيزات الضرورية و ضعف عدد القضاة مقارنة بكثافة حجم العمل و افتقار عدة محاكم الى وسائل العمل الضرورية يجعل من مسار المحاكمة عن بعد وان كان منشودا إلا انه بعيد صعب التحقق و ان تحقق سيظل قيد التقييم و النقد حتى لا يكون مجرد اجتهاد أملته الظروف ، خاصة و ان دول شقيقة كالمغرب كانت قد أقرت المحاكمة عن بعد بمقتضى القانون عدد 15- 03 المتعلق بعصرنة العدالة منذ 1 فيفري 2015 .
[1] كتاب علم الأوبئة مقدمة قصيرة جدا تأليف رودولفو ساراتشي ترجمة أسامة فاروق حسن مراجعة مصطفى محمد فؤاد الطبعة الاولى 2015 مؤسسة هنداوي للتعليم والثقافة ص 14
[2] Pandémie histoire d’ un mot et d ‘un concept Marc GOZLAN : le monde :fr 17 mars 2020
[3] معجم المعاني الجامع
[4] ويكيبيديا التاريخ الاجتماعي للفيروسات
[5] بعض الأرقام مستقاة من الموقع الرسمي للجزيرة https://www.aljazeera.net/encyclopedia/healthmedicine/2014/8/10/%D8%A7%D9%84%D9%88%D8%A8%D8%A7%D8%A1
[6] الأمراض السارية و القانون، رسالة لنيل شهادة ختم الدروس في المعهد الأعلى للقضاء اعداد الملحق القضائي عفاف شعبان السنة القضائية 2001 ـ2002 ص 2
[7] أكدت المنظمة العالمية للأرصاد الجوية أن انبعاثات الكربون ستتراجع بنسبة 6 بالمائة بسبب تفشي فيروس كورونا المستجد و مانتج عنه من تبعات.
[8] رواية ” الحب في زمن الكوليرا” للأديب غابرييل غارسيا ماركيز، مسرحية ” الملك لير ” و” أنطونيو و كليوباترا” لشاكسبير، رواية ” الطاعون” لألبير كامي ، رواية ”وباء” لأحمد خالد، قصيدة ” الكوليرا” للشاعرة العراقية نازك الملائكة ، ” إ يبولا 76 ”لأمير تاج السر …
[9] القانون الدولي الخاص هو مجموعة من القواعد القانونية التي تنظم العلاقات فيما بين الافراد ذات العنصر الأجنبي و تحدد جنسيتهم و مركزهم القانوني و من ثم تبين القانون الواجب التطبيق في حالة تنازع القوانين و من ثم تحديد المحكمة المختصة في فصل النزاع .
[10] القانون الدولي ، رنيه جان دو بوي ترجمة سموحي فوق العادة بيروت منشورات عويدات 1983 ص 12
[11] القانون الدولي العام المبادئ و الأصول ،تأليف دكتور علي خليل اسماعيل الحديثي الجامعة العربية المفتوحة في لاهاي 2010 الناشر دار النهضة العربية ص 9
[12] المادة الثانية من دستور المنظمة العالمية للصحة
[13] “Croll, Hon. David Arnold, (12 March 1900–11 June 1991), Senator; Chairman, Senate Committees on: Poverty, since 1968; Aging, since 1963; Retirement Age Policies, since 1977”. Who Was Who. Oxford University Press. 2007-12
[14] صدر أول اعلان PHEIC في أفريل 2009 عندما كانت جائحة أنفلونزا الخنازير لا تزال في المرحلة الثالثة، كوسيلة قانونية ملزمة دوليا للوقاية من الأمراض ومراقبتها والسيطرة عليها والاستجابة لها والتي اعتمدتها 194 دولة. وتم الإعلان عن أربع حالات الطوارئ الصحة العامة في الفترة ما بين عامي 2009 و2016. ظهرت الحالة الخامسة “وباء إيبولا” والمسماة بوباء “كيفو إيبولا” ما بين عامي 2018 و2019 ، وتم الإعلان عنها تحديدًا في السابع عشر من جويلية لعام 2019 ، صدر اعلان PHEIC الثاني في ماي 2014 مع عودة ظهور شلل الأطفال بعد شبه القضاء عليه، وأعتُبر ذلك “حدثا غير عاديا”. في يوم الجمعة 8 أوت 2014، أعلنت منظمة الصحة العالمية ثالث حالة “طوارئ صحية عامة مثيرة للقلق الدولي ردا على تفشي مرض الإيبولا في غرب أفريقيا. يوم 1 فيفري 2016، أعلنت منظمة الصحة العالمية الرابع ردا على مجموعات من صغر الرأس ومتلازمة غيلان باريه المشتبه بهم، رغم أنه لم تثبت علميا، لتترافق مع اندلاع فيروس زيكا في الأمريكتين.ويكيبيديا
[15] يراجع الحق في التمتع بأعلى مستوى من الصحة يمكن بلوغه، جامعة مينسوتا ، دليل دراسي إعداد ديفيد ألمييدا وروبرت برلين مركز حقوق الإنسان، 2003.
[16] يراجع في هذا الإطار الإبلاغ عن الأمراض البشرية والحيوانية وقواعد القانون الدولي http://www.rr-middleeast.oie.int/arviewpage.asp?ID=655
[17] الأمراض السارية والحجر الصحي … بين القانون المحلي والاتفاقيات الدولية إصدار تشريعات لضبط واحتواء الأوبئة المنتشرة يستهدف حماية الصحة العامة مقال منشور على موقع الرأي بتاريخ مارس 2020 إعداد: محمد جاسم دشتي
[18] https://www.amnesty.org/ar/latest/news/2020/02/explainer-seven-ways-the-coronavirus-affects-human-rights
[19] القانون عدد 63 المؤرخ في 29 جويلية 1991 المتعلق بالتنظيم الصحي ،ﺍﻟﺭﺍﺌﺩ ﺍﻟﺭﺴﻤﻲ ﻟﻠﺠﻤﻬﻭﺭﻴﺔ ﺍﻟﺘﻭﻨﺴﻴﺔ ﺍﻟﺼﺎﺩﺭ ﺒﺘﺎﺭﻴﺦ 6 ﺃﻭﺕ 1991.
[20] الأجل في الالتزام ، رابحة الغندري تقديم أحمد بن طالب ،مركز النشر الجامعي 2016 ، مقتطف من كلمة تقديم الكتاب.
[21] يراجع:
Roger Dufourmontelle : La force majeure dans les contrats civils ou commerciaux et dans les marchés administratifs ». Thèse, Paris, 1920, p.11
وردت عن حسبو الفزاري “أثر الظّروف الطّارئة على الإلتزام العقدي في القانون المقارن” رسالة دكتوراه الإسكندريّة 1979 ص 535.
[22] محمّد الزّين، النّظرية العامّة للإلتزامات، العقد، مطبعة الوفاء، الطّبعة الثّانية، 1997، الصّفحة 277.
[23] GHESTIN ;les effets du contrat 3e éd 2001 LGDJ
[24] الظروف الطارئة في قانون المرافعات دراسة تأصيلية مقارنة ،د / طلعت يوسف خاطر كلية الحقوق جامعة المنصورة ص 1.
[25] منصف الكشو رئيس دائرة بمحكمة التعقيب ،القوة القاهرة في المرافعات المدنية و التجارية في زمن الكورونا كوفيد 19 .
[26] قرار تعقيبي عدد 3784 مؤرخ في 11-3-1980
[27] محمد سعيد عبد الرحمان، القوة القاهرة في قانون المرافعات ، الناشر دار النهضة العربية القاهرة 2001 ص 33.
[28] الوسيط في قانون القضاء المدني، فتحي والي ، دار النهضة العربية ، 1986 ، القاهرة ص 10.
[29] المرافعات المدنية ، آدم وهيب النداوي ، مكتبة السنهوري 2015 ، بغداد ص 135.
[30] فكرة التناسب في الجزاءات الإجرائية ، ندى خير الدين سعيد ،فارس بن عمر جامعة الموصل كلية الحقوق
[31] ياسر باسم ذنون ، القوة القاهرة وأثرها في أحكام قانون المرافعات المدنية كلية الحقوق جامعة الموصل
Article 540 code de procédure civile ; modifié par Décret n°2019-1419 du 20 décembre 2019 – art. 5
”Si le jugement a été rendu par défaut ou s’il est réputé contradictoire, le juge a la faculté de relever le défendeur de la forclusion résultant de l’expiration du délai si le défendeur, sans qu’il y ait eu faute de sa part, n’a pas eu connaissance du jugement en temps utile pour exercer son recours, ou s’il s’est trouvé dans l’impossibilité d’agir.”
Le Journal officiel du jour a livré 25 ordonnances prises en application de la loi n° 2020-290 du 23 mars 2020 d’urgence pour faire face à l’épidémie de covid-19 et qui prévoient notamment la prorogation des délais contentieux du fait de l’urgence sanitaire
L’article 2 de l’ordonnance n° 2020-306 du 25 mars 2020 relative à la prorogation des délais échus pendant la période d’urgence sanitaire et à l’adaptation des procédures pendant cette même période comporte ainsi une disposition générale prévoyant la prorogation des délais légaux dans les termes suivants :
« Tout acte, recours, action en justice, formalité, inscription, déclaration, notification ou publication prescrit par la loi ou le règlement à peine de nullité, sanction, caducité, forclusion, prescription, inopposabilité, irrecevabilité, péremption, désistement d’office, application d’un régime particulier, non avenu ou déchéance d’un droit quelconque et qui aurait dû être accompli pendant la période mentionnée à l’article 1er [c’est-à-dire du 12 mars 2020 jusqu’à la fin de l’expiration d’un délai d’un mois à compter de la date de cessation de l’état d’urgence sanitaire] sera réputé avoir été fait à temps s’il a été effectué dans un délai qui ne peut excéder, à compter de la fin de cette période, le délai légalement imparti pour agir, dans la limite de deux mois (…). »
L’article 1er prévoit des exceptions à ce principe, mais aucune n’apparaît s’appliquer directement aux recours contentieux en matière administrative.
Et, le I de l’article 15 de l’ordonnance n° 2020-305 du 25 mars 2020 portant adaptation des règles applicables devant les juridictions de l’ordre administratif prévoit spécifiquement (sans que cela ne soit d’ailleurs véritablement utile) que cette prorogation des délais est applicable « aux procédures devant les juridictions de l’ordre administratif
Voir ‘’ LA PROROGATION DES DÉLAIS DU FAIT DE L’URGENCE SANITAIRE EN CONTENTIEUX ADMINISTRATIF’’Par François GILBERT: Contentieux administratif
[33] الفصول 1 و 2 و 3 من المرسوم عدد 8 لسنة 2020 المتعلق بتعليق الإجراءات و الآجال.
[34] حقوق الانسان بين العالمية والعولمة ، فريد بن جحا ، معهد الدراسات العليا للنشر ، ص 201
[35] وقع اقتراح مشروع قانون أساسي عدد 2018/91 يتعلق بتنظيم حالة الطوارئ يشمل 24 فصلا .
[36] دراسة قانونية حول الإقامة الجبرية ، منذر الشارني ،مرصد الحقوق و الحريات بتونس
[37] الفصل 14 والفصل 20 من القانون عدد 71 لسنة 1992 المؤرخ في 27 جويلية 1992 المتعلق بالأمراض السارية
[38] الرائد الرسمي عدد 24 لسنة 2020 ، الأحد 22 مارس 2020، السنة 163.
[39] نص الفصل 315 من المجلة الجزائية انه ”يعاقب بالسجن مدة خمسة عشر يوما وبخطية قدرها أربعة دنانير وثمانمائة مليم :أولا : الأشخاص الذين لا يمتثلون لما أمرت به القوانين والقرارات الصادرة ممن له النظر،”
[40] يراجع في هذا الاطار مقال للقاضي فاروق الهاني ” المحاكمة عن بعد على ضوء المرسوم عدد 12 لسنة 2020 المؤرخ في 27 أفريل 2020”
[41] أنظر ملاحظات حول مرسوم المحاكمة عن بعد بقلم القاضي الفاضل عز الدين العبيدي.