بقلم : سناء غابري ، صحفية تونسية
منذ يوم السّابع من أكتوبر 2023 ، كان قطاع غزّة ـــ فلسطين المحتلّة ــ وما يزال ساحة قتال دمويّة بين قوات الاحتلال الصّهيوني الوحشي ، وبين المنظّمات الفلسطينية : قوّة نضالية مقاتلة فوق الأرض وتحتها ، وذلك إثر تنفيذ “حركة حماس” عملية “الطوفان الأقصى ” ، ورغم ادّعاء العدوّ تفوّقه العسكري الغاشم ، وهو يمجّد انتصاراته ــ خلال سبعين سنة خَلَتْ ــ على دول نظامية عسكرية عربية ، والآن : فقد دحض المقاومون الفلسطينيون ــ بقدراتهم الذاتية والبسيطة ــ تلك الدّعاوى الزّائفة ، ثمّ تمكّنوا من تجاوز الحواجز ، وأجهزة الرّقابة الصّهيونية المتطوّرة ، فوطأت أقدامهم المستوطنات الصّهيونية ، وتمكّنوا من أسر وقتل عدد هائل من قوّات جيش دفاع العدوّ الذي لا يهزم ، ممّا أذهل وأدهش العدوّ وحلفاءه الأمريكيون و الغربيون ، سياسيا وعسكريا ، وكذلك بات بعض قادة الأنظمة العربية ــ حلفاء ومطبّعون ومتعاونون مع العدوّ … ــ في رعب شديد خشية انعكاس طوفان الأقصى عليهم سلبا ، فيُعزلون ، أو يُغتالون ، من قِبَل المُقرّبين ، أو من قِبَلِ من عيّنهم وُكلاء على شعوبهم العربية ، وخاصّة أنّ طوفان الشّارع العربي الإسلامي بموجات بشرية متفاوتة ، باتت تهدّد تلك العروش العربية الخاوية ، وتلك الموجات البشرية ندّدت وفضحت تخاذل ، وتواطؤ عروش الذّلّ والعار التي صمتت ، وهو اتّفاق ضمني مع العدوّ وحلفائه للقضاء على سكّان غزّة في عملية تطهير جماعي ، لم يسبق لها مثيل في تاريخ الإنسانية ، وقد تفصّى العدوّ من كلّ الالتزامات والقوانين الدولية أثناء الحروب والنّزاعات المسلّحة ، فلم تسلم المرافق الصّحّيّة ،ومقرّات المنظّمات الإنسانية الدولية من القصف الجوّي والبرّي والبحري ، ثمّ حال العدوّ دون وصول المساعدات الإنسانية الدولية إلى بقايا الأحياء في غزّة الجريحة النّاهضة من تحت الرّكام ، وهي عاجزة عن دفن أشلاء ضحاياها الكُثُر ، فباتوا أرقاما مجهولة هويّتهم ، تضمّهم قبور جماعية ، ورغم وحشيّة العدوّ ودعمه غربا وشرقا فإنّ المقاومة الفلسطينية ــ في غزّة ــ لم ترفع راية الاستسلام ، فلديها عديد المفاجآت العسكرية والسياسية التي تضع العدوّ في زاوية الإدانة القانونية ، وتدفع ببعض الأنظمة العربيّة إلى مزبلة التّاريخ .