بقلم : عبد الحميد محفوظي، عضو جمعية قدماء ضباط وزارة الدفاع الوطني ومحاضر مختص في الشأن الروسي معتمد لدى البيت الروسي بتونس
أثناء متابعتي للمناظرة التلفزية الخاصة بالانتخابات الرئاسية الأمريكية، كنت متيقّنا أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين سيكون الحاضر الغائب في هذه المناظرة. وفعلا صدق حدسي، حيث تعرّض دونالد ترامب له بالذكر في ستّ مناسبات ، بينما ورد اسمه على لسان كامالا هاريس في خمس مناسبات، وهذا الأمر في حدّ ذاته له دلالات تبدو محسوبة ، وأبعاد لا يمكن تجاهلها أو التغاضي عنها، أبرزها : أن لا استقرار ولا سلم لهذا العالم في غياب روسيا ممثلة في رئيسها القوي، وبالتالي فإن الحديث عن أية تسوية ، أو سلام عالمي خارج هذا الإطار، هو هراء ولعب بالنار، وعليه، فقد خدمت هذه المناظرة ( بقصد أو بغير قصد) نظام موسكو إلى حد كبير. .
بوتين دونالد ترامب كمالا هاريس
أما ترامب فقد كان وفيا لأطروحاته السابقة ، بأنه سيضع حدا للصراع الروسي الأوكراني حتى قبل توليه الرئاسة بصفة رسمية، مؤكدا أن روسيا دولة نووية، وأن أي سيناريو لهزمها، هو من قبيل الإمضاء على نهاية العالم ، بحكم حيازتها لترسانة نووية رهيبة. وأما هاريس، ورغم أنها تعرّضت لذكر بوتين من باب المكابرة والتجنّي، وهذا مفهوم،فقد كانت حذرة للغاية في حديثها عنه. وقد ظهر ذلك جليّا في تجنّبها الخوض في أية سيناريوهات مطروحة لنهاية أو إنهاء هذه الحرب، وبدت وكأنها خالية الذهن تماما من أي تصوّر ينهي هذا الانزلاق غير المحسوب الذي يورّط قوات التحالف وعلى رأسها أمريكا.
أما بوتين، فقد كان فعلا الفائز الأكبر في هذه المناظرة ، ونجمها الأبرز والتي خرجت منها روسيا أقوى ممّا كان منتظرا.